الثلاثاء، ٢٥ نوفمبر ٢٠٠٨

الأحد، ٥ أكتوبر ٢٠٠٨

المشهد الثانى أهه: هز هنا وهز هناك

يلف الظلام الدامس غرفة مكتب الوزير التى استحالت فوضى عارمه تظهر ظلالها تحت أضواء شديدة الخفوت
يتصاعد صوت سهير السكرتيرة:
- أي....مين الناقص اللي عمل كده؟ وهوه ده وقته؟ فتتصاعد النحنحه من أكثر من رجل
يرتفع بعدها صوت مدحت:
- الدنيا ضلمة كحل حدش معاه ولاعة يا اخوانا؟
يخرج جلال بك، الذي يجلس تحت المائدة، ولاعته الذهبية ويشعلها، (ضوء متوسط يعم المسرح)
عم زكريا الذى يغادر مكانه على الأريكه
- النور ده جليل جوي، آني معايا لنضة ببطارية، خلي السبرتاية دي يا جلال افندي لما البطارية تشطب إبجى قيدها.. يضيء عم زكريا بطاريته (تكتمل إضاءة خشبة المسرح)
تظهر غرفة مكتب الوزير وقد تهدمت أجزاء منها: الحمام وقد وقع بابه وأظهر بعض ما به من تهدم، والحائط الخلفي.
تزحزحت الأريكة قليلا، ولا زال حسن يجلس عليها ويضع قدمه دونما اكتراس فوق المنضدة المواجهة للاريكه، المائدة البيضاوية التي يجلس تحتها الوزير والسكرتيرة ومدحت وجلال بك تعلوها الاتربة وقطع الحجارة الصغيرة،
يخرج الوزير رأسه قليلا من تحت المائدة
- حسن.... يا حسن.... (يرد حسن بفتور)
- نعم يا باشا دون أن يلتفت نحوه (الوزير مخرجا رأسه قليلا وهو يتحسب سقوط شئ من السقف)
- هو انتوا لسة عايشين؟ (يذهب عم زكريا مادا يده للوزير كى يخرجه من أسفل الطاوله ويرد بسخريته المعهودة)
- معلش حقك علينا يا أفندى . والله....اضطرينا نعيش...
يخرج جلال بك من تحت المنضدة دافعا يد زكريا بعيدا عنه وهو ينفض ثيابه:
- وإيه اللي يضطركوا تعملوا كده..... (يتلفت بتوجس ويهمس لزكريا)
- هو الزلزال خلص؟
يرفع مدحت رأسه ليخرجها من وسط المائدة وينظر يمينا ويسارا ويرد بطريقة تقريريه وهو يقيم طوله:
- أظن جنابك مافيش هز تاني
يؤكد جلال على كلام مدحت:
- أيوه جنابك، آظن مفيش هز مش كده برضه ( يقولها وهو ينظر بابتسامة خبيثة للسكرتيرة)
تخرج سهير السكرتيرة من أسفل المنضدة وهي تنفض التراب عن ثيابها وشعرها:
- امبوسيبل... (وتنظر لصدرها وهى تعدل هندامها) :
- التقم ده غالي قوي اتبهدل كده في الشيكنج .... وتمضى سريعا من أمام جلال كأنها تريد الاحتماء بحسن
يدير عم زكريا الراديو ويضبطه على صوت أم كلثوم، بينما حسن ينظر إليهم جميعا باستهزاء وهو صامت
ينظر مدحت بغيظ لحسن الجالس على الآريكه ويشخط فيه:
- فز قوم شوفلك صرفه فى العفره دى يا بتاع إنت
تتوجه سهير نحو مدحت وترفع صدرها ليلامس صدره وتمط شفتاها نحو أنفه.
- كابتن مدحت.... ماكياجي باظ؟

يتأمل صدرها قليلا ثم يتنبه وهو يشيح بيده وينهرها بعصبيه.
- كابتن؟ ... شايفاني قدامك بالشورت والفانلة الكات؟

ينظر الوزير وجلال بك حولهما ليبحثا عن كرسي يجلسان عليه، يتنبه مدحت ويوجه حديثه لحسن بازدراء:
- انت لسه يا حيوان قاعد مكانك ليه؟ تحب نخدم عليك وللا حاجة؟ قوم نفض كرسيين لمعالي الوزير والاكسلانس خليهم يقعدوا...وشوف اسيادك يشربوا ايه يا جربوع

يبتسم حسن في استهزاء موجها حديثه لمدحت وهو ينظر إلى جلال بك الذي أخرج سيجارا من جيبه وهم بوضعه في فمه
- كان على عيني....
يصرخ مدحت فيه بصوت جهورى
- قلع عينك يا شبه امك...قوم ياد اتلحلح
اعتدل حسن في جلسته ووضع مرفقيه على ركبتيه وشبك يديه وهو مازال ينظر لجلال بك
- انتوا ايه اللي طلعكوا من تحت الترابيزة...طب انا وابويا مستبيعين ومش فارقه معانا لو اندفنا تحت الانقاض، ليه جنابكم تتهورو وتعملوا زينا...
-
اعتدل الوزير في وقفته وهو ينظر إلى حسن مدعيا عتابه ويتحدث إلى جلال بك بخنف:
- معلش يا جلال بك الساعي بتاعي اصله شايل منك شويتين عشان الكلام الفارغ اللي انت قلته... بس يا أستاذ حسن مافيش داعي تزعل نفسك....ده كلام قاله جلال في وسط ازمة والحمد لله الازمة خلصت، صافى يا لبن بقى

يتأفف جلال بك بعد أن دفعه مدحت فى كتفه، وبدأ يخرج سيجارا آخرا من جيبه ويقدمه لمعالي الوزير
- أوووه يور هاينس....ارجو انك تقبل اعتذاري انت عارف الواحد بيبقى عامل ازاي في لحظة مواجهة الصعاب... ويستدرك بس ماشاء الله على معاليك....انت الوحيد اللي كنت ثابت فينا.... فعلا ليدر سوبر، ورمز للشجاعة والروح المنتصرة الـــ (يهرب الكلام من فمه وهو يقلب جيوبه بحثا عن الولاعه)

تمتد يد مدحت بولاعة جلال ليشعل السيجار للوزير، ثم يمد يده نحو جلال بك ليشعل له السيجاره فيخطف جلال الولاعه من يده ه وغضب.

يأخذ الوزير نفسا عميقا وهو يضع يده في جيب البنطلون ثم يستقر جالسا على الأريكه وهو يخرج دخانا كثيفا من فمه ويتأمل صعوده فى الهواء:
- الشخصية الزعامية كده يا اكسلانس...لازم تثبت قدام الشدائد والازمات عشان رعاياها ما يرتبكوش، أومال إيه؟.

يعيش الدور، فيبدأ في مط شفتيه والتلويح بيده التي فيها السيجار بينما مازال يضع يده الاخرى في جيبه، يحاول أن يفعل كما كان يفعل في السابق، فتتعثر يده، يقوم ويبدأ في المشي خطوات واسعة وهو يلوح بيديه كأنه يخطب في حملة انتخابية وجلال بك ومدحت وسهير يحاولون السير وراءه كما يفعلون عادة، يستدير نحوهم وهو يهتف بصوته الآخنف:
- دى مسئوليه... ربان السفينة بيفكر في نفسه آخر حا......

فجأة، تحدث هزة اخرى ينتفض ويتعثر في أحد الكراسي الملقاه فيسقط على وجهه ويتعثر الثلاثة فوقه، ويقعون جميعا ورؤوسهم عند أقدام حسن وعم زكريا اللذان لم يتحركا من مكانهما
- آآآآآه إيه اللي حصل
يتركهم حسن ويريح ظهره إلى الاريكة ويفرد ساقيه لتقابل بالضبط وجه الوزير الذي مازال مستلقيا على بطنه والثلاثة الآخرين واقعون فوقه
- ماهو ده اللي حاولت اوضحهولكوا....الزلزال لازم له توابع.....

يبدأ الثلاثة في القيام وينفضون الاتربة التي سقطت عليهم من السقف مرة أخرى يحاول جلال التحرش بسهير متصنعا انه ينفض الاتربة من فوق ملابسها، تبتسم باغراء له في البداية لكنها تتنبه لحسن فتزيح يده من عليها وتتقرب في أدب من حسن متحدثة إليه بلهجة شعبية
- طوابع ازاي يا سي حسن؟ وتحاول أن تستظرف، هو الزلزال ده جاى من مصلحة البريد ولا إيه... هئ هئ هئ

ينهرها الوزير الذى يقيم طوله ويقف الوزير باعتداد مخنفا صوته مرة اخرى
- بلا طوابع بلا جوابات...احنا في عصر الانترنت دلوقت...ايه الجهل ده؟ يلا يلا يلا كل واحد يشوف حاله ... ثم ينادى مدحت الذى يهرع نحوه:
- آفندم معاليك
- اتصل باي حد خليهم يجوا يطلعونا من القرف ده انا محتاج اخد شاور...كمان فيفي ح تقلق عليا قوي
- تمام معاليك
يتوجه مدحت نحو التليفون ويخرجه من تحت مكتب الوزير ثم يحاول الاتصال
- الحرارة مقطوعة معاليك
- ايه ده؟ ازاي في عصر القرية الذكية والسماوات المفتوحه تنقطع الحرارة كده، ثم يوجه حديثه لزكريا:
- قوم اتحرك شوف الزفت ده مش شغال ليه

يعلق عم زكريا المشغول بسماع ام كلثوم
- قرية ذكية يعنى إيه... مافهاش بهايم يعنى... السلوك انجطعت سعاتك ع نعملك ايه يعني؟
- اتصرفى يا سهير. حد يتصرف شوفولنا طريقه نبلغ بيها عن وجودنا هنا

يعلق جلال بك محاولا تهدئة الوزير
- معلش معاليك مدحت هايتصرف
يستجمع الوزير نفسه ويعدل هندامه
- طيب يا مدحت ناولنى الموبايل بتاعي

يجيب حسن بسخريه مستتره
- موبايلك يا معالى الوزير في الحمام اللي اتدشدش .. انت ناسي انك كنت بتتكلم في الموبايل جوه مع المدام....

يتنحنح الوزير متجاهلا ملحوظة حسن
- مين اللي قال ان الحمام اتدشدش؟ (يدفع مدحت) خش يا مدحت بص كده...
يبدو على مدحت الارتباك
- ادخل فين سعاتك ده عاليه واطيه وباين من هنا انه مهدود خالص ... حضرتك مش شايف وللا ايه؟
تتسع عينا الوزير ويندب بطفولة
- يعني ايه؟ يعني الجاكوزي بتاعي والموبايل ابو كاميرا راحو خلاص؟ خلاص؟ يادى الحوسه... فيفي ح تدبحني... ده عليه الفيديو بتاع فيفي لما كنا في شرم وهى بتعمل التاتو، ده هي اللي ...
يدنو منه جلال بك ويهمس محاولا ترضيته
- هي اللي جابتهم لك برضه؟ متقلقش يتعوض يا باشا (ينهره بتوتر)
- بدل ما تتكلم كده طلع موبايلك واتصل باي حد
- موبايلي؟
(ينتبه لعدم وجود تليفونه المحمول معه، وينظر الى مدحت معاتبا)
- انتوا مش قلتوا لي ممنوع الموبايل يدخل مبنى الوزارة كله عشان الاحتياطات الامنية؟
ينظر الوزير نحو سهير ومدحت
- يعني ايه طيب فين موبايلك اللى طول النهار تلعبى فيه يا سهير... فين اللاسلكى بتاعك يا حضرة الظابط...
تجيب سهير بعدم اكتراث:
- سيبته برة زي اوامر حضرتك، حضرتك بتتضايق لما بيقعد ينور فى إيدى وأنا باوريك البوسنه وامضيك على الاوراق
يصرخ الوزير في مدحت:
- طب فين اللاسلكي بتاعك؟
يضحك مدحت في ارتباك وقلق
- لاسلكي ... (ويهمس فى أذن جلال):
لاسلكى ايه هو انا باشتغل في المرور؟ ثم يعلو صوت محدثا الوزير
- عطلان وكنت باصلحه سعادتك
يجرى نحو حسن:
- حسن فين موبايلك؟
- منين ياباشا؟ من الميتين جنيه العمي بتوع الوزارة؟ (يتركه ويتجه مهرولا نحو عم زكريا ويكلمه باستجداء)
- طيب هات موبايلك انت يا عم زكريا
يضحك عم زكريا ضحكة حشاشيني
- الله يحظك يا باشا، آنى باخاف م البتاع دهه لما باشوفه في يد النفر منكم، آقوم اشيله آنى
يقف حسن واضعا يديه في جيوبه
- يعني الاتصالات مقطوعة سعادتك
- طيب والعمل ح نخرج ازاي
- قول ح نقعد ازاي هنا لحد ما يعرفوا يطلعونا؟
- يعني ايه؟
يسير حسن نحو منتصف الغرفة
- الهزة الأرضية بتبتدي قوية من البؤرة نفسها، وبتاخد ثواني، وأحيانا دقيقة أو دقيقتين تلاتة بالكتير قوي
يتحلق الجميع حوله عدا والده عم زكريا الذي يظل يستمع إلى أم كلثوم، أما حسن فيكمل حديثه والوزير ومدحت وسهير وجلال بك ينظرون إليه باندهاش واهتمام
- وبعدين تتوقف خالص، بعدها بفترة، ممكن ثواني، ممكن دقايق، ولمدة أيام ويمكن أسابيع بتحصل هزات متفرقة أقل في القوة...لكنها في بعض الأحيان بتكون أكبر في الخطورة
يبدأ الثلاثة: الوزير وجلال بك والسكرتيرة في الجلوس على الأرض حوله وهو ما زال واقفا بينما يضع مدحت يديه في جيبه وهو ينظر له بقرف
- ما تكلمنا عربي يا حضرة الساعي المثقف.....بؤجة إيه وهزات إيه أنا حاسس انك بتحكي عن بت (وينظر نحو سهير في لؤم) اخدت هدومها في بؤجة وراحت تهز في شارع الهرم....
ترتبك سهير وما تلبث أن تحدث هزة توقع مدحت أرضا وترعب الوزير وجلال وسهير بينما يحاول حسن أن يتماسك فيقع هو الآخر ينظر الوزير نحو مدحت
- ما تتلهي بقى يا اخي والحاجة اللي ما تفهمش فيها ما تتكلمش فيها (ثم يربت على ركبة حسن وهو يبتسم له) كمل يابني الله ينور عليك.....قلت لنا هزعات تخلينا نمشي نكلم نفسنا مش كده؟
- لا يا معاليك.... بصوا
ثم يأخذ حسن حجرا صغيرا من الارض، وينظر نحو كوب لم يقع ويوجه خطابه لسهير وهو ينظر نحو الكوب
- الكباية دي لسة فيها شوية مية يا سهير.....قصدي يا مدام سهير؟
تهرع السكرتيرة بطاعة وإذعان نحو الكوب وتنظر فيه ثم تنظر نحو حسن بقلق
- يدوبك قراط او اتنين
يشير بذراعه وهو ينظر الى الارض
- مش مهم هاتيها
تهرع نحوه وتعطيه الكوب ثم تجلس على يساره على الارض وامامه جلال بك والوزير على يمينه ويلقي حسن الحجر الصغير في الكوب وهو يقرب ثلاثتهم عليه ومدحت يأتي من ورائه يتلصص وعيناه تفيضان بالغباء في محاولة لفهم ما يقوله حسن
- شايفين الموجات اللي حصلت لما رميت الحجر الصغير في المية؟ اهو الزلزال بيحصل شبه كده
فينظر اليه جلال بك بانبهار
- ومين يا دكتور حسن اللي رمى الحجر ده وعمل فينا العملة دي عشان نعاقبه؟
يضحك حسن
- معلش يا جلال بك دي قصة طويلة مش ح اقدر احكيهالك بس ماحدش معين هو اللي رمى الحجر...كل اللي انا عايزكوا تعرفوه ان اول هزة في الزلزال بتبقى موجة قوية زي اللي شفتوها في المية....بينتج عن الموجة القوية دي انهيارات لبعض اجزاء من البنايات اللي اساساتها ضعيفة او قديمة او مبنية في دول كانت مش من ضمن حزام الزلازل وبعدين دخلت فيه
يبدأ مدحت في الجلوس ولكن دون أن يرتاح على الأرض، ولكنه يجلس كأنه في وضع الاستعداد للجري
- مين اللي دخل في ايه؟ انت بتقول ايه
تنظر له سهير باحتقار
- يا وساخة مخك يا اخي افهم....بيقول لك حزام الزلازل
- ماله
- لازم تلبسه عشان ما تتزلزلش
- يا سلام هو قال كده؟ (ثم ينظر في بله نحو حسن) انت قلت كده يا كابتن؟
جلال بك ينظر الى سهير ومدحت باحتقار
- اغبيا..بيقول لكوا الزلزال ده كأن واحد رمى طوبة في مية....والهزة الاولانية بتقطم وسط البيوت اللي مش لابسة حزام لانها مش في بالها ان الزلزال ح يجي....لكن ح اقول ايه....ادي فهم اللي اتعلموا بالمجاني
ثم ينظر نحو حسن باكبار ورغبة في نيل اعجابه
- مش انا فهمت صح يا باشمهندس حسن؟
- اولا انا مش باشمهندس....ثانيا انا متعلم بالمجاني....ثالثا يعني ممكن تكون فهمت بشكل قريب مش ده المهم المهم انكوا تعملوا حسابكوا ان المباني دلوقت ضعيفة جدا واي هزة من هزات التوابع ممكن تسوينا بالارض
ترقع سهير بالصوت....ويكفهر وجه الوزير
- تف من بقك يا شيخ
ويرتبك مدحت وينتفض واقفا ويخرج طبنجته صارخا
- ما تقولش كده اي طوابع ح تيجي ح اقتلها
يقف جلال ويقترب من مدحت وينظر له باستهتار
- ما كنت قتلت اللي قبلها واللي قبل اللي قبلها....يا شيخ اتلهي
ثم يجلس مرة اخرى بجانب حسن مزيحا الوزير الذي يشيح بيده
- ما تحاسب يا اخي هو انت خلاص يعني جايب كشكول المحاضرات معاك؟ اقطع دراعي ان كنت فهمت حاجة
ينظر له جلال باحتقار
- على الاقل معايا ابتدائية قديمة مش جنايني بافك الخط على قدي...
ثم يلتفت لحسن
- المهم يا استاذ حسن...يعني ايه العمل دلوقت
- العمل انكوا تاخدوا احتياطاتكوا وتقعدوا تحت الترابيزة تاني
فيجري الجميل لينزل تحت الترابيزة
فيبتسم حسن
- لحدا ما الدور الارضي اللي احنا فيه يتهد والترابيزة تتكسر على دماغتكوا ويطلعوا جثثكوا اللي راسه فيها مسامير واللي راسه فيها رجل ترابيزة واللي واخد الميكرفون وحاضنه
فيخرج الجميع من تحت المائدة ويلتفون حول حسن ويسأله مدحت برجاء
- امال نعمل ايه يا ح اللوا
في هذه اللحظة يقف عم زكريا عند احد المحطات الاخبارية
- اسمعععععع....بيتحدتوا علينا....
ويأت الصوت من الراديو: وقد تسبب الزلزال الذي كانت قوته خمسة ونصف ريختر في انهيار مبنيي وزارة الداخلية والزراعة....وقد توجهت فرق الإنقاذ بقيادة عدد كبير من مسئولي الدولة إلى مبنى وزارة الداخلية، .الجدير بالذكر أن السيد وزير الداخلية قد نجى من الحادث بسبب قيامه بجولة لمقابلة وزراء الداخلية العرب والتنسيق معهم لمحاربة الشعوب...عفوا لمحاربة الإرهاب.
كما توجهت فرقتان لوزراة الزراعة لإنقاذ السيد وزير الزراعة الدكتور عويس البنهاوي حيث كان متواجدا بالوزارة أثناء انهيار المبنى.
يصرخ مدحت وهو يجلس على الارض
- ضعنا واللي كان كان....كان لازم مبنى وزارة الداخلية يتهد معانا؟ اهم ح يسيبونا ويهتموا بوزارة الداخلية عشان الناس اللي في البدروم
يتصنع عم زكريا الانشغال بتحريك المؤشر وهو يتمتم كأنه يحدث نفسه
- كل بدرون وله ناسه
ثم يوقف المؤشر على أغنية فريد الأطرش "يا مجبل يوم وليلة أطوي السكة الطويلة وديني بلد المحبوب" فيتجه حسن نحوه وهو يخاطبه بأدب وقد أحنى ظهره قليلا: يابا والنبي خلي الاخبار خلينا نعرف راسنا من رجلينا
فيرفع عم زكريا رأسه وينظر لحسن
- سلامتك يا ولد...راسك اهين ورجليك اهمن....والباجيين رجليهم فوج رجبتهم يعني جنب روسهم
يجلس مدحت على الارض وهو يضرب ساقيه بكفيه
- انا كان ايه اللي جابني الوزارة الوسخة دي....ما كنت فضلت في الداخلية
ثم يبدأ في البكاء والنواح
- قال كنت خايف يودوني الصعيد....ادي الزلزال جاني لحد عندي وح ينسوني...ح ينسوني عشان ربطت نفسي بوزير فاشل....جنايني...يا لهوي ياما
يقف الوزير في عظمة
- اخرس يا كلب....انا ولي نعمتك يا دون يا واطي
يقف بجانبه جلال بك وهو يحاول ان يهدئ من روع الوزير
- هدي نفسك يا معالي الوزير الراجل فاقد اعصابه، وبعدين يعني هو ماقالش حاجة غلط
تضع سهير يدها على خدها وهي جالسة متربعة على الارض
- يا فرحتي بابو الرجال مدحت باشا مالك عمال تلطم زي الولايا كده؟ دلوقت لما يخرجونا معالي الوزير ح يبعتك الصعيد اللي نفسك فيه (ثم ترقع ضحكة رقيعة) بس اوعى يعرفوك في الصعيد ويجرسوك احسن دول ما بيرحموش....ما تخليك هنا واحنا ستر وغطا على بعض هئ هئ هئ هئئئئئئ
يقترب الوزير من سهير وهو يمسح على ظهرها
- تمام كده يا ست الكل...انت دايما فاهماني، انا ح اوريه الكلب ده
ينهار جزء من السقف فيفزع الجميع ويتراجعون الى الخلف ويصرخ الوزير
- الحقني يا حسن...يا دكتور حسن...ايه ننزل تحت الترابيزة
يجلس حسن بجانب والده على الاريكة
- ما قلت لكوا الادوار اللي فوقينا اتهدت وكلها كام ساعة والسقف يقع علينا ونموت كلنا اذا ما لقيناش وسيلة نخرج بيها من هنا
يعلو صوت عم زكريا:
- اسمععععععععع جايبين سيرتك يا معالي الوزير اهو.....الف مبروك اتشهرت وبجيت ولا فيفي عبده
يأتي صوت المذيعة من الراديو: أوكل السيد رئيس الوزراء إلى السيد محسن عبد العال وكيل أول وزارة الزراعة القيام بمهام وزير الزراعة، وقد تعهد السيد محسن عبد العال القائم بأعمال وزير الزراعة ببذل كل الجهود المطلوبة لإنقاذ السيد وزير الزراعة أو معرفة أي أخبار عنه.
تبدو الصدمة على وجه الوزير
- يا نهار اسود ومنيل بستين نيلة، محسن عبد العال؟ ده ح يدفني بالحيا ويقول لهم ما عرفتش عنه حاجة، ده انا خارب بيته.....
ينظر الجميع إلى الوزير: حسن ينظر له باندهاش، وعم زكريا ينظر له بابتسامة، اما مدحت وجلال فينظران له باحتقار، وسهير تنظر له باستهزاء
- وكمان اترفدت.....
يقترب منه مدحت مؤنبا
- وتخرب بيته ليييييييييه؟ تخرب بيته ليييييييييييه؟ انت مدمن اذية من غير سبب يا اخي؟
يشعل جلال بيك سيجاره الذي كان قد انطفأ بعد أن تركه مدة طويلة في يده
- هو ما كانش مفروض يبقى وزير اصلا....جنايني يبقى وزير زراعة؟ على كده بقى تمارجي يبقى وزير صحة
يخرج مدحت مسدسه ويصوبه نحو حسن
- اسمع انت الوحيد اللي بتفهم فينا هنا....لازم تخرجني انت سامع؟ انا سلطة....انا اللي باحفظ الامن...انا اهم واحد فيكوا هنا
يبتسم حسن بسخرية غير آبه بالمسدس الموجه نحوه ولا يقوم من مكانه
- غريبة انك تبقى اهم واحد مع انك لسة قايل اني انا الوحيد اللي بافهم
يرتبك مدحت ثم يستجمع نفسه مرة اخرى
- انا قصدي بتفهم في البؤجة والهزات والكلام اللي قلته ده...اوعي ياد تكون بتنخع علينا وبتقول اي كلام ومستغل اننا مش فاهمين حاجة
الوزير ينهره
- ايه اللي بتقوله ده يا مدحت انت نسيت انه ساعي
- اسمي مدحت باشا يا جنايني.....وهو ساعي بس هو اللي ح يعرف يخرجنا من هنا
يضع حسن رأسه على فخذ والده الذي يربت على كتفه ويثني ساقيه كأنه طفل في أحضان أمه
- وانا ايه اللي يخليني عايز اخرج من هنا؟ هي موتة وللا اكتر؟ اخرج عشان اشتغل ساعي تاني؟ خلينا هنا مع بعض
يصرخ مدحت مصوبا المسدس نحو رأسه
- ح اقتلك
- يا ريت...الموتة بالرصاص الطف بكتير من الموتة تحت الانقاض...
ثم يعتدل حسن في جلسته
- عارف الناس بتموت تحت الانقاض ازاي يا مدحت باشا؟ راسها بتتفشفش
وممكن تفضل عايش تحت الانقاض مدة وما حدش حاسس بيك والطوب ينزل على راسك...طوبة طوبة لحد ما راسك تتفرم وروحك ما تطلعش غير بعد عذاب
ثم يعود ويضع رأسه مرة اخرى على فخذ والده
- لكن بقى طلقة نار ثانية واطير....اضرب اضرب يا شيخ وخلصني
ثم ينظر نحو ابيه
- آبا...تطير انت الاول وللا انا؟
يقلب عم زكريا مؤشر الراديو
- طيب ادام الحكاية فيها طيران يبجى ندوِر بجى على اذاعة القرآن الكريم...الحمد لله آني صليت العصر....ألا هو المغرب ادن يا ولدي؟
- على أدان يابا....
يسير جلال بك متوترا وخائفا نحو مدحت
- يا مدحت بيه مافيش داعي تستخدم العنف مع حسن باشا اذا كنت شايف انه الوحيد اللي قدر ينقذنا
- ح ينقذنا ورجله فوق رقبته
تتقدم سهير نحو حسن وهو مايزال واضعا رأسه في حجر أبيه وتنزل على ركبتيها وتربت على ذراعه مخاطبة اياه بنفس اللهجة الشعبية
- والنبي يا سي حسن ما تاخدش على خاطرك انت على راسنا من فوق واذا كان على مدحت فانت عارفه جته الطور ومخ العصفور
يعود الوزير للصراخ
- ما تتخرس بقى يا مدحت الزفت....واذا كنت انا اترفدت فكلنا هنا زي بعض....وللا انت فاكر نفسك لواء اركان حرب...ده انت حيالله حتة مشهلاتي
يتهاوى مدحت ويجلس على الارض وهو ساندا ظهره الى الحائط الايسر
يقترب الوزير الى حسن منحنيا بعض الشيء
- يابني انا زي والدك....ما تقولنا نخرج من هنا ازاي
يعتدل مرة اخرى حسن في جلسته
- زي والدي؟ ما والدي اهو.... عموما احنا لازم نشوف لنا طريقة نخرج بيها من هنا...لازم يبقى فيه سلم يطلعنا على سطح...أو باب وراني....أو نفق
عم زكريا وهو واضعا أذنه بجانب الراديو وهو يقلب المؤشر ثم يعلق بلا اكتراث
- أو بدرون...هي اذا القرآن قبل الشباب والرياضة وللا بعدها؟
تتربع سهير في جلستها وهي تضرب فخذيها باكية
- يا خسارة شبابي.....يا وكستي السودا.....
ينظر حسن نحو عم زكريا باندهاش ومفاجأة
- انت قلت ايه يابا الحاج؟
- حاج؟ ما انا جلت لك يابني جدم لي في الجرعة عشان احج لنفسي ولام حسن وانت اللي اتلكعت
- باجول لك جلت ايه يابا
- جلت اذاعة القرآن جبل الشباب والرياضة وللا بعديها
- يابا الحاج ما تلاوعنيش الله يخليك...انت جبت سيرة بدرون
عم زكريا لا يرد
- والنبي يابا جول ع تجول ايه
تقترب سهير من حسن وتجلس ملتصقة بجانبه على الاريكة
- ياااااااه اول مرة اسمعك بتتكلم باللغوة الصعيدي
نظر لها حسن شذرا
- إيوة لما بتبجى روحي في خشمي وما بابجاش طايج حد واصل وممكن اصور جتيل باتحدت باللغوة الصعيدي...افصحي هناك....
تتراجع سهير بخوف
يعود حسن يخاطب والده في رجاء
- جلت ايه يا حاج؟ والختمة الشريفة لو خرجتنا منها لابيع اللي ورايا واللي جدامي واحججك
ينظر عم زكريا بسخرية
- هو انت وراك وللا جدامك غير صفير الهوا يا خايب؟
ثم ينظر عم زكريا إلى الوزير وجلال بك
- ما البشوات اكيد عارفين البدرون بتاع الباشا
ينظر له مدحت في انتباه وكأنه استفاق من إغماءة
- أنا؟
يعود عم زكريا للعبث في الراديو موجها خطابه لمدحت
- انت باشا وكل حاجة بس دوكهة باشا تاني...الا انتوا مش بتوعت أمن برضك والاصول تبجوا عارفين مداخل المكان ومخارجه لجل ما البشوات الظباط اللي زيك يأمنوا البشوات الافندية الوزرا والبشوات الاسلانسات؟
ينفعل حسن
- يابا ما تنطج بجى الله يفكها عليك
ينظر عم زكريا الى حسن في عتاب فيهوي حسن على يد ابيه مقبلا اياها
- حجك عليا يابا اني جليل الحيا....بس ياروح ما بعدك روح
يسحب عم زكريا يده من حسن
- امال عملت دكر وجلت لهم هي موتة وللا اكتر ليه؟ انت بجيت زييهم تجول حديت ما انتاش جده وللا ايه؟
- (يطرق حسن خجلا) على جولك يابا....العمر واحد والرب واحد...
- اسمعوا يا افندية، بجى الجصر دهون كان بتاع واحد من البشوات الكبارات جوي من بتوعت زمان، من ايام مولانا، واني كنت عيل حلو كده وابويا كان طباخ إهنه، أمال ده اني ابن ناس جوي بس الزمن جار عليا، كان ابويا يعمل الشركسية والضلمة والخرفان....
يبدأ السقف في الانهيار مرة اخرى فتصرخ سهير
- يا عم زكريا اعمل معروف قول لنا نخلص ازاي
يقف مدحت صارخا
- ده راجل عجوز وجربوع بيلعب باعصابنا....انت ح تحكي لنا قصة حياتك يا حيوان
ينتفض حسن وهو يتحدث بهدوء ويضغط على الحروف مهددا مدحت
- لو طولت لسانك على ابويا تاني ح ادفنك مكانك
يهم مدحت بالاشتباك مع حسن فيناديه والده بصوت مجهد
- مالوش عازة يا ولدي كلتنا ح نندفن هنا اذا كان حديتي مش لادد على الباشا
يتدخل جلال بك ويجلس بجانب عم زكريا
- حقك علينا يا عم الشيخ....معلش، اصل دول تربية العسكر مش زيك تربية الناس الاصلا بتوع زمان...والله اول مرة اعرف انك تربية بشوات...عشان كده راجل محترم
ينظر له عم زكريا باسما
- والله يا افندي المحترم محترم في نفسه...طيب ما انت تربية بشوات انما البعيد لابس خاتم دهب وسنسلة دهب كنك كلب هول
يصاب جلال بك بالحرج وسط ضحكات الجميع ثم يقول له الوزير منحنيا نحوه
- المهم يا عم زكريا...يعني انت تعرف القصر ده كويس؟
- باجول لك يا افندي متربي فيه....كنا بنشتغلو في البدرون وننامو في البدرون وناكلو في البدرون
تجلس سهير في الوسط ما بين جلال وعم زكريا لاصقة صدرها بكتف عم زكريا مترققة معه في الحديث
- وفين البدروم ده يا عم زكريا
يبتسم عم زكريا في لؤم
- والله يا بتي لو كنتي لحجتيني من اربعين سنة ما كنتيش عرفتي رجالة غيري واصل
فيضحك حسن مقهقها
- يابا انت في ايه وللا في ايه ....المهم فين البدروم ده
- ورا الدولاب اللي في المطبخ اللي جنب الفسحة اللي احنا جاعدين فيها دهين
- برة يعني يابا؟
- إيوة
يهرع مدحت نحو الباب فيبادره حسن
- استنى استنى يا مخ العصفور....انت رايح فين
- اخرس...انا ح اخرج
- تخرج ازاي بس....انا عايز افهم هم شالوا لك مخك وحطوا مكانه غزل البنات؟ انت مش شايف الهدد؟ اي حركة زيادة ممكن يقع على دماغك طوبة تفشفشها وساعتها غزل البنات يطلع بقى والنمل ياكله
- يعني ايه؟
- يعني اللي يخرج لازم يبقى واحد بس، ويبقى حريص، ويعرف السكة كويس من ابويا وياخد باله انه ما يدوسش في هدد ولا يعمل حركة زيادة توقع الخرسان على راسه وراس كل اللي في المبنى فهمت؟
- يبقى عم زكريا نفسه هو اللي يخرج
- انت بتقول ايه؟ ابويا يخرج وهو في السن ده انت اتجننت
- يعني مافيش غير اللي في السن ده هو اللي يخرج هو عايز ايه تاني من الدنيا؟
يرتبك حسن ثم يستدرك بسرعة
- بس ابويا حركته تقيلة، وممكن رجله ما تثبتش كويس وممكن يعمل حركة زيادة توقع على راسنا كلنا المبنى
يتنهد مدحت في تحد
- يبقى مافيش غيرك
- واشمعنى انا؟ انت مش رجل امن؟ مش شغلتك تفدي الناس بروحك؟
- الكلام ده عند امك يا روح امك...افدي مين؟ سيدة العالمة وللا عويس الجنايني ولا سى جلال ابو ابتدائية وللا حتة ساعي وبواب؟
ينظر له حسن في تحد هو الآخر
- كل دول...مادول الشعب يا باشا...مش الشرطة في خدمة الشعب برضه؟
يخرج مدحت مسدسه مرة أخرى
- لو ما خرجتش دلوقت ح افرغ ده في دماغك
- ما قلت لك فرغه وخلصني يا اخي
يسحب مدحت المسدس فيقف الجميع منزعجا بما فيهم عم زكريا ويقف حسن امام مدحت في تحد فتصرخ السكرتيرة
- اعقل يا مدحت ده هو الوحيد اللي ممكن ينقذنا ، يرد مدحت بصوت جهورى واثق
- ح تلاقي رجاله كتير غيره يا سيده وهو مالوش لازمة عندي ديته طلقه بشلن زى دى
ثم يضغط على الزناد فيتبين ان طلقاته قد نفدت
يجلس الوزير على الارض مشيحا بيده
- جتك نيلة حتى المسدس اللي مخوفنا بيه طلع فاضي
يستند جلال بك على المائدة متنفسا الصعداء
- الحمد لله غباوتك ساعات بتنفعنا... (ثم يضحك مقهقها) فضيت الرصاص في السقف يا اهبل؟
تضحك السكرتيرة ضحكة خليعة
- وحياتك يا جلال بك مش بس مسدسه اللي فاضي....ده كل حاجة عنده فاضية هئ هئ هئ من راسه لرجليه
ويضحك الجميع بصوت عال عدا حسن الذي مازال ينظر له بتحد
- متهيألي تنزل انت بقى تخدم الشعب مرة واحدة في حياتك
ينهار مدحت ويجلس على الارض باكيا
- انا ما اقدرش ما اقدرش ما اقدرش
تتقدم نحوه سهير وتجلس بجانبه القرفصاء وهي تربت على كتفه
- مصدقاك يا نني عين سيدة عالمة....ما تقدرش ما تقدرش ما تقدرش
ويضحك الجميع
يخرج عم زكريا قرش صاغ من جيبه
- اني معايا جرش كان الباشا اداهولي واني صغير لمن عملت عاشورا حلوة عجبت مولانا قوي واداله عليها نيشان...ما تاخدوه وتعملوا عليه جرعة
يقوم الوزير متوجها نحو المائدة وواقفا بجانب جلال بك وهو يعطي الجمهور ظهره
- انا منسحب من الترشح
يعتدل جلال بك في وقفته
- انت فاكرها انتخابات يا روح خالتك؟ يعني ايه منسحب من الترشح ده انت مفروض تتقدم وتخدم شعب مش انت بتاع الشخصية الزعامية اللي بتفكر في نفسها آخر حاجة؟
- وما تتقدمش للترشح انت ليه؟
- انا رجل اعمال لازم اعيش عشان اخدم البلد بفلوسي مين ح يباشر اعمالي لو انا مت؟
تنتفض سهير واقفة
- يعني معقول ح تنزلوا واحدة ست وانتوا كلكوا رجالة
يخاطب حسن والده
- شيل القرش بتاعك يابا في جيبك...أنا اللي ح انزل
- ماهو الجرش كان ع يجول كده برضك يا ولد....ما كانش ع يختار غير الراجل
يخرج حسن من الباب وتتبعه سهير وهي تقف على الباب وتنظر اليه
- خلي بالك من نفسك يا سي حسن....سي حسن
- نعم
- اديني حس والنبي طول ما انت برة اطمن عليك
- طيب يا سيدة ما تقلقيش..خشي انت بس من العفرة
- شالله تسلم يا سي حسن
ثم تذهب وتجلس بجانب عم زكريا الذي يحاول ان يتماسك ولا يظهر قلقه
- ان شاء الله ح يرجع بالسلامة يابا الحاج
- ولدي راجل
يذهب الوزير ليجلس بجانب مدحت الذي جلس على الارض ووضع رأسه بين ركبتيه
- مالك يا اسطى مدحت...زعلان من ايه ما انت نزلت الجدع الوحيد اللي بيفهم فينا ولو حصل له حاجة ح نتسوح كلنا
- وما نزلتش انت ليه؟
يبدأ جلال في الذهاب والإياب في قلق
- هو ماله اتأخر كده ليكون حصل له حاجة....عاجبك كده يا وزير الندامة؟ مش كنت غرت انت ما الدنيا مليانة جناينية وبعد نص ساعة من انهيار المبنى حطوا وزير غيرك يعني مالكش اي لازمة في الحياة....مش كنت وفرت لنا الواد الوحيد اللي بيفهم في الليلة دي
يبدو القلق على السكرتيرة فتتوجه نحو الباب منادية بصوت يختلط بالبكاء
- سي حسن.....سي حسن....ما بتردش ليه يا سي حسن؟ سي حسن
ثم تهم بالخروج فيقوم مدحت ممسكا بذراعها
- انت رايحة فين يا سيدة
- رايحة اشوف سي حسن انشالله اموت معاه...اوعى سيبني
- ما تموتي وللا تغوري في داهية...بس انت ما سمعتيش حسن وهو بيقول اي حركة مش مدروسة ممكن تهد المكان على اللي فيه
يدخل حسن وقد ملأه التراب فيجري نحوه الجميع
- عملت ايه
يتجاهلهم ويتوجه نحو والده الذي بدأت الدموع تغالبه
- اني اهو يابا...مالك يابا آني زين وزي الفل...
يصرخ فيه مدحت
- عملت ايه يا بني ادم
- ما تتكلم بادب بقى يا اخي انت ولا ليك اي لازمة
ثم يحاول ان يهدئ نفسه ويكمل
- المكان صعب قوي وممكن البدروم يتهد في اي لحظة والباب اللي بيوصل ما بين المطبخ والبدروم متهدم...انا تمكنت اني احط خشبة توصل من المطبخ على البدروم بس الفتحة اللي تخرج على الشارع ما ينفعش يعدي منها غير واحد بس...عايزين واحد يخرج يبلغ الناس اننا جوة
يصرخ كل من مدحت والوزير وجلال بك في صوت واحد
- أناااااااا
تنظر لهم سيدة باحتقار
- على فكرة حسن كان ممكن يخرج من برة برة من غير ما يجي يقول لنا على الموقف بس هو كان قد المسئولية وجه قال لنا واظن هو احق واحد بانه يخرج
يبدأ مدحت في الصراخ
- يعني ايه؟ ده جربوع ده ما يعرفش حد أنا ليا اتصالات ومعارف واعرف اخلص الموضوع
يجيبه حسن بحزم
- انت تخرس خالص ماحدش ح يطلع من هنا غير سيدة....هي الست الوحيدة واظن ما يصحش واحد فينا يخرج ويسيبها هنا، هي اولى واحدة تخرج وتبلغ
يلتفت الى سيدة
- بصي يا سيدة انت ح تخرجي وح تمشي على الواح الخشب اللي انا حاططها بالظبط اوعي تقعي من عليها وحاولي تخرجي من الفتحة من غير ما الحديد بتاع المسلح يعورك...اقول لك
ينظر حول ثم يسحب المفرش الموجود على احدى الموائد الصغيرة
- اربطي ده حوالين وسطك، وانت بتخرجي راسك من الفتحة اربطي راسك بيها عشان ما تتجرحش...ياللا...انا ح اجي اقف لك وانت نازلة
يقترب جلال بك من حسن مبتسما
- يا سلام يا حسن كلك شهامة ورجولة
فيجيبه حسن بلا اكتراث وهو مشغول بربط المفرش حول سيدة
- متشكر
- باقول لك ايه تعالى بس (ويتنحى به جانبا) على فكرة انا معايا ساعة الماظ بنص مليون يورو كنت جايبها للجنانيني ده
- وبعدين؟
- انت اولى بيها
فيبتعد عنه متوجها نحو سيدة ويجيبه بصوت عال
- متشكر يا جلال بك احنا في قبر....والقبر ما ينفعش فيه الرشاوي
ينظر اليه مدحت في احتقار
- يا سااااتر عليك حتى وانت بين الحيا والموت عايز ترشي
فنظر له جلال باستهتار
- مش احسن ما ابقى بين الحيا والموت وعايز اقتل..
تخرج سيدة من الباب ويقف خلفها حسن
- خلي بالك وانت ماشية حطي رجلك على الخشبة ...ايوة
تحدث هزة ارضية سريعة فتصرخ سيدة فيحتضنها حسن من خلفها
- ما تخافيش ما تخافيش انا لحقتك لحقتك
ويدخلها مكتب الوزير مرة اخرى محاولا التحلل منها فاذا بها ملتصقة به وتحدثه بترقق
- شالله تسلم يا سي حسن
ينزع يديها من فوق كتفيه
- ياستي العفو اي حد مكاني كان ح يعمل كده....
ثم ينظر للجميع
- ح نعمل ايه دلوقت؟ الفتحة اللي كانت مفتوحة الهزة الاخيرة وقعت عليها حجارة وقفلتها.

الخميس، ١٧ يناير ٢٠٠٨

المشهد الأول: وقعت ... خلاص

تنزاح الستار عن ديكور كلاسيكى لمكتب الوزير تتصدر نصفه الأيمن آريكه تتسع لشخصين من جلد نبيذى وضعت أمامها طاوله صغيرة علي يمينها جهاز تليفون، وفى وسطها باقة ورد جافة وعدة ملفات، وفى الركن الأيسر بعمق الخشبة وضعت مائدة بيضاوية متوسطة رصت حولها خمسة مقاعد، امام كل واحد منها ميكرفون صغير. يمينها على الحائط المواجه للجمهور يوجد باب عريض لدخول المكتب وفى الجهة اليمنى يوجد باب آخر صغير يؤدى للحمام. مكتب الوزير على الجهة اليسرى، عليه أجهزة تليفون أخرى وبضع ملفات وصورة بحجم كبير لافت للنظر لزوجته، وفى الخلف عند الركن الأيمن بعض دواليب أو مكتبة.
________
الوزير عويس البنهاوى يقف من على مقعد مكتبه وظهره للجمهور، يعبث فى أزرار تليفونه المحمول، ثم يلقيه أماه وهو يتأفف ويرفع سماعة تليفون من تلك الموضوعة أمامه، يضرب رقما بسرعة، يتنهد وهو ينتظر، ثم يبدأ فى التحدث وهو ينظر لصورة زوجته:
- أيوة يا ماما.... آ... لامو..، سور... لا مؤاخذه يا فيفى يا حبيبتى ... انا اسف ... والله نسيت انك بتكرهي كلمة يا ماما دي.... يووه ... باقول لك.... (ينظر للسماعة ثم يضعها، مبديا امتعاضه من غلقها الخط فى وجهه، وينظر للصورة، فينتابه الخوف) يتصل بها مرة أخرى وهو يرسم على وجهه ابتسامة مصطنعة: - انا اسف يا روحى واللهى.. ما قصدتش... بقولك نسيت...حاضر هانسى اصلي البيئة.... ابن كلب صح ... واط... آآ... حاضر .... آسف ... آسف (يقولها ويتلفت حوله) ...طيب.... نعم؟ (يقولها بفزع) إيه.. مين... ؟ اجيب لك وانا راجع كوليه الماظ؟ .... وحر؟ آ...آ... طيب حاضر...هابعت حد من الموظفين عشان....حاضر حاضر ماتصرخيش ح اجيبه بنفسي... أنا بس مابعرفش في الألماظ... قلنا حاضر.... انت خارجة؟ لا لا مش عايز اعرف فين يا حبيبتي براحتك... متشكر قوى (يقبل السماعة بتزلف وهو ينظر إلى الصورة... يسير وهو يعبث فى تليفونه المحمول نحو باب الحمام وهو ينظر بطرف عينه نحو الصورة، ويهمس: - (وماله بقى الجناينى، ماهو وزير قد الدنيا أهوه، وآنيكي يام شعر عيره) يرن التليفون فيفزع ويدخل الحمام جريا:(صوت من الخارج) - اتفضل يا إكسلانس، نورتنا واللهي، اتفضل يا فندم.... - (يدلف الضابط مدحت النمرسى من باب الدخول بظهره ويسير خطوات بنفس الطريقه وهو يطأطئ ظهرة ويعدله، مكررا جملة الترحيب) يدخل جلال بك من الباب بخطوات متعجله مرتديا بدله صيفيه فاتحة اللون وقميصا برتقاليا مزهزها، وفى الجيب منديل حريرى يتدلى على صدره وفى طرف فمه سيجار لم يشعله، ويدور برأسه وبجسده فى المكان وقد ارتسمت على ملامحه أمارات الزهق: - مش معقول كده يا ... يا سيادة العميد، ساعة استناه، كتير عليا كده، انت عارفنى أنا دايما روحي فى مناخيرى، والمواضيع اتأخرت أكتر م اللازم يشير له مدحت بالجلوس على طاولة الاجتماعات وهو يهز رأسه تزلفا ومحتفظا بابتسامته المصطنعه، لكن جلال لا يجلس ويظل يدور برأسه فى المكان. تدخل السكرتيرة وراءهما بخطوات متعجله وترجرج جسدها عن عمد، تتجه ناحية جلال الذى يتأمل باستغراب البنطلون المحلى بالترتر الذى ترتديه، ويصعد بنظره للجاكت متجاوزا كرانيش ترتج مع حركتها. تميل السكرتيرة نحوه بصدرها الضخم وتبربش فيقع على كرسى: - مستشر جلال....دو يو وانت آه دريك ينظر اليها جلال ببلاهة واستغراب وهو يهز رأسه: - نعم... د ... إيه؟ - دريك ... دريك يا إكسلانس...يوووو عاوز دريك حاجة؟ عندنا هاف تي... كوفي برفيكت.... جنزاابيل... حلبه ستونز - يعنى ايه كوفى بيرفكت...
- مظبوط
- آه... اطلبيلى فنجان قهوة مظبوط لو سمحتي - اوكيه....( تشير إليه بلهجة بلدى آمره) انظبط بقى ع التشير واقعد عدل على ما الدريك يجيلك.... ثم تنادي بصوت حاد مسرسع وبميوعه يا حسن يا حسن يستدير مدحت الذى كان يتسمع ما يجرى فى حمام الوزير... يذهب داعيا جلال بيه للجلوس على الأريكه وسط الخشبة، ويخاطب جلال بك: اتفضل يا اكسلانس ... اتفضل ويجلسان على الاريكة ... يخرج مدحت من جيبه ولاعة يجربها عدة مرات فلا تشتعل... (تنادى سهير لحسن مرة أخرى وهى ترجرج جسدها ويتابعانها بنظرات مستغربة) (يدخل حسن بتكاسل مرتديا ملابس السعاة التقليدية وقد وضع على كتفه فوطه صفراء وتحت إبطه صينية فضية صدأة، يتجاهل وجود مدحت وجلال ويذهب مباشرة لسهير) - آفندم يا مدام سهير - آ... (تتأمل وجهه ثم تقول بلهجة آمرة وهى تبتسم لجلال) كب كوفي مزبوت للمستشر... كويكلى - هه ... يقولها حسن متصنعا عدم الفهم.. طب احط كويكله عليه ازاى... مش فاهم يا مدام تقترب من صدره وتعدل له خصلات شعره البادية من أسفل الطاقية وهى تقول بميوعه (قوللى يا سوسو بس) ثم تنتبه لوجود جلال ومدحت المستغربان من سلوكها... فتبتعد... وهى تهمس بلهجتها البلدى: - واحد قهوة مظبوط مدحت الذى كان يحاول مرة أخرى إشعال الولاعة ينظر لحسن بقرف وهو يشير له - هات كبريت يابنى للبيه يولع - مابادخنش ياباشا ينهره مدحت بزهق - يا بنى أنا باقولك هات للبيه نار يولع بيها السيجار مش بأقولك إديله سيجاره - طيب هاجيب النار لجنابه... (ينتفض جلال ويرسل نظرة قرف لحسن) يخرج حسن بتنطع فتخرج خلفه سهير يتحدث جلال بك الذى يكاد ينفجر الى مدحت هامسا فى غيبة سهير: - قبل ما الدريك يجي اسمعنى كويس. يدير عينه ناحية الباب ثم يتابع...اظن اتفاقنا بخصوص مصنع وارض جدي لساه ساري ... والا ايه؟ (يخرج جلال من جيبه ولاعة ذهبيه يشعل بها السيجار فيتأملها مدحت بإعجاب.. ثم يستدرك وهو يرسم علامات الاستغراب على وجهه) - مصنع وارض مين؟ يا اكسلانس دول مصنع وارض الدولة... بلاش الكلام ده هنا أرجوك - لأ....انت كده ح تزعلني....وانا قلت لك اللي انت عايزه ح تاخده.... بس ما تلاعبنيش إنت والراجل بتاعك لآخد عيالي وامشي...ولو الحكومة عرفت اني مشيت عشان زعلان منك إنت وهو (ويشير بطرف السيجار للحمام ) مش ح تقعد لا نت ولا هو في كراسيكم ولا مسافة ما تطفحو الدريك يدخل حسن ويضع القهوة امام رجل الأعمال ينظر مدحت باحتقار ويوجه غضبه من تهديد جلال لحسن: فين الدريك بتاعي يا حيوان حسن وهو يشيح بوجهه عن مدحت: - حاضر يا باشا....عصير القصب ح يجيلك حالا رجل الاعمال محاولا تجاوز حالة الشد بعد أن أوصل رسالة التهديد: ياااااااه انتوا عندكوا قصب؟ مع إن الصعيد بطل يزرع قصب. ( مدحت الذى يقلب راسه ليرسل عينه للخلف ليرى ان كان الوزير قد أنتهى من حمامه أم لا): - الوزارة بتستورده مخصوص للعصر، وفتحنا من شهرين محل عصير ريادى جنب الوزراة، ده مشروب صحى جدا يا فندم، يقولها وهو يكاد يقع للخلف- تصدق كنت بافكر أطلب شيح؟ - شيح إيه.... اهو الوزير شكله خلص حمامه، بلاش تقول قدامه حكاية جدودك دي خلينا فى قصة المشروع أحسن - نعم....؟ - مافيش داعي تزعل نفسك مننا يا اكسلانس انا باهزر معاك .. إهدى ... إهدى (يعدل هندامه وهو يخفض صوته) ويقول:- طيب مافيش داعي لهزار الفلاحين ده...املاكنا اللي اممها العساكر ح ترجع بيك او من غيرك قلت ايه؟ - بيا يا اكسلانس بيا...انت مالك عصبي كده... بس اسمع كلامى وامشى ورايا الشويه دول لحد ما يمضى بس (يتحركان مرة أخرى ناحية طاولة الاجتماعات) سهير السكرتيرة تدخل ومعاها ملفات: - ايه الاكسلانس تنشن وللا حاجة؟ عموما انا جبت معايا كل الفويل اللي ح تعمل له ديسكشن....اكسكيوزك يا باشا (تزيحه بصدرها بميوعه ونظرات مدحت تشجعها) ح اشرح لحضرتك الكتوتينت اللي في الفويل جلال بك بعصبيه: - لا والنبي يا ستي هاتي "الفويل" إنتى (يشد الملف ويغلقه أمامه) وانا هافهم الكتوتنت بتاعه لوحدي.... السكرتيرة (تشد الملف من يده وتدفعه مرة أخرى بصدرها وهو يبتعد): دي خريطة القرية اللي ح ناخدها من الفلاحين... جلال (وهو يبعدها عن كتفه): - قصدك اللي ح ترجعوها من الفلاحين....انا مش عايز واحد فيهم على ارضي (يشير بكفه لمدحت علامة المحو)....لما بيقعدوا في الارض بيطمعوا فيها انا ح اعملها مشروع سياحي السكرتيرة تستمر فى إغراءها لجلال: - شور شور... يو آر رايت....التوريستم دلوقت هو اللي بيكسب .... (يدخل حسن فتنعدل وتشير إليه) وممكن تاخد معاك من الوزارة ناس تساعدك.... يو نو يا جلال بييه؟ حسن ده مش ساعى عادى، ده معاه شهادة عالية ماكيستير في البيجولوجيا (تنظر لحسن فلا يعير كلامها اهتماما ويظل واقفا عند الباب يشيح بيده) وفيري جود فيري جود في الانجليش يعني واللهى جلال يرمقه بنظرة احتقار من فوق لتحت: - لا مش باحب اشغل الجعانين....بيطمعوا في فلوسنا بعد شوية حسن بعصبية موجها كلامه لسهير رغم أنه يخاطب مدحت: - يا باشا معالي الوزير في الحمام حضرتك ح تحتاجني في حاجة؟ - آ...آ... ايوة ما تفضل ياسي زفت واقف لحد ما نخلص... انت وراك ايه؟ - ورايا اكل (يشير بيده لفمه) ...اصلي جعان.... يتدخل جلال بسخرية: - طبعا جعان... - تشكر ياباشا يخرج الوزير من الحمام وبدا انه قد أخذ دشا لكن نسي أن يمشط شعره ، يسير بكبر وبخطوة سريعة ولا ينظر الى احد، يقف الجميع احتراما له ما عدا جلال الذى يقوم نصف قومه، يجلس عويس على رأس المائدة يتحدث بصوت به خنف قليلا وابتسامه يرسمها كأنه رأى جلال لتوه: - أهلا اهلا يا اكسلانس.... (ثم ينظر لمدحت) .. خير؟ تدفعه سهير قليلا وقد اخرجت من صدرها مشطا وهمست في أذن الوزير فهز رآسه وهو يبتسم لها فقامت بتمشيط رأسه ببطء شديد وهي تدلك رأسه مدحت واقف بجوار الوزير المستسلم لتمشيط سهير وينحني بمذلة حتى يلامس كتفه: - معالي الوزير.. الاكسلانس جاي بخصوص الموضوع اللي كلمت حضرتك فيه من شهرين، وحضرتك عجبك قوى (يقولها ويهز رأسه وهو يبتسم لجلال الذى مازال على غضبه) - آه...بخصوص المصنع والارض...فعلا انت كنت قلت ان المصنع بيخسر واحتمال يتحرق وان الارض حواليه تلتميت فدان ملك الدولة والمزارعين واخدينها بوضع اليد.... جلال يحاول تذكير الوزير باتفاقهما السابق: - تمام كده معاليك....حضرتك عارف اني من اكتر رجال الاعمال وطنية و... الوزير مقاطعا جلال وراسما على وجهه ابتسامه ثقه: - لا لا لا يا جلال ... ما احبكش تقول كده.... (ثم يهتف كأنه يلقي محاضرة) كل رجال الاعمال بتعوعنا عندهم وطنية على قدم المساواة (ينظر لمدحت وسهير المبتسمان بثقة وهما يؤكدان كلامه بهز الرأس) احنا عايزين نبطل التخوين...فيه سياسات جديدة... سياسات شابة، ومتينة، وفكر جديد ... فبلاش بقى الكلام القديم ده يقف الوزير فيتحرك الجميع وراءه – بما فيهم جلال –يكادون يلتصقون به فى صف واحد وهو يتجه للأريكه.
قبل جلوسه مباشرة يشير الوزير بيده لمدحت فيعطيه مدحت أذنه فيهمس الوزير
- المرة عايزة كوليه وخاتم ألماظ حر النهاردة
فيهمس مدحت
- سالك بامر الله معاليك
ثم ينظر الوزير الى جلال مخاطبا اياه بصوت عال متصنعا انه يكمل خطبته عن الفكر الجديد - مش كده يا جلال بيه ينظر له جلال ويتصنع ابتسامه ويهز رأسه بالموافقة، يشير بالجلوس، فيقف مدحت بجانب كتفه الايسر وبجانبه سهير ويجلس رجل الاعمال على يمينه ويقف حسن الذي يتصنع بانه مشغول بنقل فنجان القهوة على الصينية ويضعه على يمين الوزير) يوجه الوزير حديثه لحسن هامسا: وحياتك يا حسن هاتلى فنجان قهوة م البن الغامق بتاعى احسن الصداع ماسك دماغى....(ثم ينظر مرة اخرى الى رجل الاعمال وهو يتصنع الابتسام) مشاغل الوزارة...بنخدم الناس ونتشتم...قلت لي ح تشتري المصنع والارض بكام؟

- كام ... ؟ يستغرب جلال وهو ينظر لمدحتتتدخل سهير سريعا فى الحوار وهى تعيد فرد الخريطة أمامها على الطاولة وتستكمل فردها على حجر جلال ولا تنسى أن تتحرش به فى حضرة الوزير الذى يتجاهل ما تقوم به: - معاليك الاكسلانس مستعد لتحمل الخسائر اللي في المصنع وحضرتك عارف ان السياسات النيو بتاعة البارتى والاستيت كلها بتختو نحو العولمة... جلال مزيحا الخريطه فى وجه سهير: - احنا عايزين نتكلم اكتر في التفاصيل معاليك....ومش ح نختلف .... اللي تؤمر بيه، إحنا كلنا فدا الوطن الوزير ينظر مرة اخرى للجميع كأنه يخطب فى حشد جماهيرى غفير: - اللي أأمر بيه إيه؟ ... لا.. استغفر الله... انا مش بأمر ... انا باخدم مصلحة البلد - مفهوم معاليك....كلنا عارفين كده، وكلنا فى خدمة الوطن (جلال يزغد مدحت مستحثا إياه على الكلام، فيهز مدحت رأسه كأنه كان سارحا) - أيوه يا فندم جلال بيه خدامة الوطن (يزغر له جلال)- خدام قصدى (يزغر له جلال ثانية)- بيه لا مؤاخذه .. بيهيبدأ مدحت وجلال في فتح الملف والخرائط ومناقشة الوزير بصوت خفيض بينما، السكرتيرة توجه خطابها لحسن الذى دخل لوضع القهوة امام الوزير: - بليز هاسان، قول لأونكل زكريا ما يدخلش اي فيزيتور من الباب عشان معالي الوزير مشغول الوزير منتبها لحديثها: - لا يا سهير افرضي الاكسلانس شريف وصل... باقول لك يا حسن نادي لي على عم زكريا يهم حسن بالخروج فيبادره مدحت بجليطة ودفعه فى كتفه: - انت يا حيوان ح تمشي وتسيب معالي الوزير وضيفه؟ مش يمكن يحتاجوا حاجة؟ - بس معالي الوزير عايزني انادي الحج زكريا.... (يشير بالصينيه فى يده فيكاد يخبط وجه مدحت) مدحت وهو يدفعه ثانية: - ما تعرفش تعمل حاجتين في وقت واحد؟ امال انت لازمتك ايه؟ ده انا باعمل عشر شغلانات في وقت واحد....بطلوا كسل بقى حسن من الغيظ ينادي باعلى صوته: - ابااااا....يا باااااااااباااااااااااا مدحت وهو يجذبه من قفاه: - ابا ايه يا حيوان تقوم سهير من مكانها منتفضة وهى تخلص ملابس حسن من يد مدحت وتنظر له فى دلال: - معلش يا باشا اصلك قلت له يفضل واقف عشان لما معالي الوزير يخلص الدريك... (تهرول ناحية حسن وتبتسم)...ايه يا حسن ده انت عايز جو يورسلف في داهية؟ روح ناديه وتعالى مدحت بغضب: - أما حيوان صحيح فكريني اخصم له سهير برجاء وميوعه وهى تنظر فى صدر مدحت وتعدل هندامه: - يا باشا هو ما يقصدش...هو بس ما فهمش حضرتك عايز ايه بالظبط ينظر عويس لموضعهما ويشير بيده: - وبعدين في الدوشة دي مش عارف اكلم الجدع... كل ده عشان حتة ساعي.. جلال مبتلعا كلمة الجدع: - لا لا هما كده معاليك ... دى أشكال ما بتفهمش... فهمهم على قدهم.... (يتصنع الضحك) قال معاه شهادة عالية.... حاجة زباله... من ساعة ما فتحوا التعليم للجرابيع واللى بيسموهم خريجين جامعة بقوا كلهم ولا البهايم..... (يعدل المنديل فى جيبه) طيب ما انا اهو معاليك، معايا ابتدائية قديمه....وجنابك يا معالي الوزير.... الوزير مقاطعا إياه بسرعه: - ما علينا ياجلال بيه... إنت ما قلتليش رأيك ايه في ان المصنع اللي احتمال لا قدر الله يولع... ولو مولعش هو آيل للسقوط على فكرة...وكمان الارض....مهددة بماس كهرباء لان الاهالي سارقين الكهربا جلال (باستهزاء): - أهالي؟ دول جرابيع... (يكمل بجدية)....بس انا ما قلتش معاليك لو لا قدر الله المصنع اتهد انا ح اشتريه انقاض..... ممكن لو قامت فيه حريقه بسيطه أدفع حق الحيطان، لكن المزرعة ما اظنش....ما اظنش انها تتحرق، ان شاء الله ربنا يستر وما يحصلش ماس ولا حاجة عشان انا عايز المزرعة زي ماهي بالشجر والمحصول اللي فيها.... جدى سعادة الباشا موصى عليها قبل ما يموت (يقولها ويكار يبكى) .... (يمتعض الوزير ويتنحنح مدحت، فيدرك جلال أنه قد قال شيئا غير مقبول فيتصنع الهزار... الله يرحمه بقى... هاهاها ... كان عارف إنى هاشترى الأرض دى، معاليك عارف إن القرية دى كانت زمان، قبل الثورة المباركة (يقولها بطريقة مسرحية) من أملاكه ينظر له الوزير شذرا ويجز على اسنانه، فيتدخل مدحت: - والله دي حاجات قديمه بقى ... خلينا فى الجديدة .... إحنا ولاد الجديدة ... يقولها ويضحك بلاهة... ثم يوجه حديثه همسا مسموعا لجلال (إيه يا اكسلانس انت فاكرنا ح نعملها عمد ولا إيه لا سمح الله) الوزير بتذمر: - باينه فاكر كده يا مدحت مدحت مربتا على كتف جلال ثم ينغزه: - العفو معاليك....الاكسلانس ما يقصدش كده خالص
فيغلق الوزير الملف وهو ينظر لجلال بك بثبات
- يقصد وللا ما يقصدش.....انا هاراجع نفسي في الموضوع ده.... وهاشوف سياسات الوزارة بتقول إيه...
ثم يقف ويسير بخطى بطيئة مطأطئا وكأنه يفكر
- انا ما اقدرش اطرد الفلاحين اللي بياكلوا وبيأكلوا البلد من عرقهم.....الارض دي ارضهم....حياتهم....ما اقدرش اقفل مصنع فاتح بيوت عمال
ثم يلتفت في حركة ميلودرامية نحو جلال بك
- الفلاحين يا جلال بك....الفلاحين والعمال....اصلنا، اهلنا، ناسنا، (ثم يرتفع صوته بآداء متصنع) هم اللي بسواعدهم السمرا كبرونا وكبرت معاها البلد
يرتبك جلال بك وينظر الى مدحت مستغربا
- الله الله الجو ماله قلب رد قلبي كده ليه
يستدير الوزير ليعطي ظهره الى الجميع ويشعل سيجارا بينما ينحني مدحت على جلال هامسا في اذنه فاذا بجلال صارخا
- كوليه وخاتم واسورة؟ والماظ حر كمان؟ مش كفاية المرسيدس وفيللا الساحل الشمالي....
يحاول مدحت تهدئته ويأمره باخفاض صوته
- ششششش....معالي الوزير اصله فلاح والعمال عنده اغلى من حياته
فيطأطئ جلال بك
- طيب يا سيدي
فيرفع مدحت صوته
- طبعا طبعا مش ح نختلف يا جلال بك....مش كده معاليك؟
يستدير الوزير وينظر نحو مدحت مبتسما
- لولا غلاوة جلال بك بس عليا....هي دي نقطة ضعفي
ثم يتقدم ليجلس على المائدة مرة اخرى يدخل عم زكريا بتباطوء يليه حسن، يشير إليه الوزير، خد تعالى يا زكريا، فيرد عم زكريا: - ايوة يا افندي.... يضحك جلال بك بصوت عالي ثم يحاول أن يغالب ضحكته: - افندي؟ هاهاهاهااها.... الوزير باستياء متجاهلا تريقة جلال بك: - يا عم زكريا...قلت لك ميت مره انا مش افندي، - لا مؤاخذه يا افندى يمتعض الوزير ويشيح بيديه استياء، يهم مدحت، ويزغد زكريا فى ظهره، وهو يتصنع الضحك: - قول يا معالى الوزير يا عم زكريا - حاضر ياباشا - ما تدخلش حد غير الاكسلانس شريف عم زكريا متساءلا: - طيب وانا ح اعرفه كيف إن ده اطسلاس شريف افندي ده؟ (يتدخل مدحت...
- هتعرفه لوحدك... هو شكله بيه كده... - يا عم زفت افهم، ويهم أن يدفعه فيجد يد حسن تحمى أبيه، ثم فجأة يضرب زلزالا المكان فيرتج كل شئ وترتعش الأضواء ويسمع هبد وطرقعات وصرخات من الخارج يجرى الوزير وجلال بك والسكرتيرة ومدحت وينزلون جميعا أسفل الترابيزة احتماء من التراب المنهمر من السقف، يظل عم زكريا واقفا مكانه وهو يحوقل ويستعيذ بالله: - لا اله الا الله ... لا حول والقوة إلا بالله... استر يا رب يجذبه حسن ناحية الباب وهو ينظر حوله بفزع ويثبت عينه للسقف المرتج: - يابا تعالى يابا المكان باينه هينهد على دماغنا...
- هو فيه ايه يا حسن...
- زلزال يابا... وبيقولوا لما يقوم زلزال نقف تحت حلق الباب، ده آأمن مكان يخرج الوزير وجلال والسكرتيرة لدى سماعهم كلام حسن لأبيه ويندفعون نحو حلق الباب طاردين الاثنين من مكانهما، ويقفون تحته والوزير يقول لحسن مفزوعا: - اعمل حاجة يا حسن... يرد حسن الذى يحاول ستر رأسه من التراب الساقط: اعمل ايه يعني؟ جلال بك صارخا: - وقف الزلزال يا حيوان....اتصل باي حد وقول لهم معالي الوزير متضايق من الزلزال ده بلاش تهريج مدحت مؤكدا على كلام جلال: - أيوه قلهم كده يمسك حسن سماعة التليفون ويلقيها: - التليفونات مقطوعه يطل مدحت برأسه من تحت طاولة الاجتماعات وهو مفزوع:
- كده... ويخرج مسدسه ويضرب طلقات في الهواء يستتبعها صراخ من السكرتيرة وفزع من الوزير ورجل الاعمال ويصرخ الوزير فيه: - إيه الجنان اللي بتعمله ده يا مدحت مدحت مستمرا فى إطلاق الرصاص على السقف فيزداد سقوط التراب: - انا ح اعرف اوقفه عند حده الكلب ده عم زكريا ساخرا من الجميع وموجها كلامه لمدحت: - يا باشا ده زنزان بتاع ربنا هاتوقفه ازاى يعني - هاوقفه وسع (يفسح له وهو يقول له مستغربا:- باقولك ربنا الوزير صارخا ومفزوعا: - اتصلوا بيه حسن وعم زكريا يضحكان: هاهاها ونقول له انك متضايق....بنقول لك ربنا معاليك ربنااااااا جلال هامسا لسهير الملتصقة به: - انتوا مش واخدين احتياطات ضد الزلازل سهير مولولة: - يا لاااااااااهووووووووووتييييييييييي (ثم تبدأ في اللطم وضرب صدرها بكفها) هأموت يامااااه... ح اموت ياما ناقصه عمر مدحت محاولا التغلب على فزعه: - اكتمي يا بت يا سيدة... بطلى صريخ ينضم لهم تحت حلق الباب وهو يدفع الوزير محاولا أن يجد لنفسه مكانا تحت حلق الباب والوزير يدفعه: - ما تقلقش معاليك كل شيء تحت السيطرة آآآآآه (يدفعونه فيقع وتدحرجه هزة قوية فيزحف ليعود ممسكا بحلق الباب) (يسحب حسن اباه ليحتميا تحت طاولة الاجتماعات) سهير تستمر فى ولولوتها البلدى وصراخها الحيانى ضاربة صدرها وهى تبكى: - يا حوستى يامه ياخراشى يامه... يادهوتي ... يا دهوتي..... (تنظر حولها) ده حتى الظابط وقع امال انا ح يحصل فيا ايه جلال مستاء من التصاقها به: - اخرسي بقى ياوليه باقولك (ويستدير غاضبا نحو الوزير) ... يا عويس انت مش عامل احتياطات ضد الزلازل؟ يدفع الوزير جلال بعيدا عن حلق الباب مستغربا من مناداته باسمه مجردا: - انا معالي الوزير يا افندىجلال يعود ويدفعه عن حلق الباب: - وزير إيه يا جناينى يا عره، إنت نسيت نفسك... الوزير مفزوعا ومنكمشا ومستغربا: - نعمل له احتياطات ازاي يعني.... - أهى دى آخرة مجانية التعليم يا لمامه، ناس جهلة زيك يبقوا وزرا.... الوزير بيبص يلاقي حسن وابوه تحت الترابيزة فيزجرهما: - انتوا بتعملوا ايه تحت حسن يرد من تحت الطاولة: - ماهم بيقولو إن من الاحتياطات بتاع الزلزال اننا نقف عند حلق الباب او ننزل أحسن تحت الترابيزات يندفع الوزير وجلال والسكرتيرة ومدحت تحت الطاولة ويدفعون حسن وأباه خاج الطاولة يأخذ حسن أباه مرة أخرى نحو حلق الباب: - تعالى يابا نقف هنا تحت حلق الباب.... جلال بك مفزوعا: - هو انهي اءمن يا دكتور حسن، عندك تحت حلق الباب وللا هنا تحت الترابيزة؟ حسن ساخراً: - باقول لك ايه ما تحط راسك تحت حلق الباب ورجليك تحت الترابيزة جلال وهو يحاول مد جسده: - بجد؟ يسحب عم زكريا حسن من يده: - يابني العمر واحد والرب واحد سيب لهم الترابيزة وحلج الباب وتعالى نجعد على الكنبة دي انا رجلي فيها مارتيزم ومش جادر اجف يجلسان على الاريكة ويبدأ عم زكريا في لمسها: ياااااا دي ناعمة وحلوة جوي ياد يا حسن...يا حلاوة يا ولااااد ... ده العز حلو، ويمد يده فى جيبه فيخرج راديو ترانزستور صغير ملفوف بأستك يمسك بطاريات خارجية، يقلب المحطات غير آبه بأصوات التهدم والصرخات، يتوقف عند محطة أم كلثوم... تشدو وهو يهتز طربا "صالحت بيك أيامى وسامحت بيك الزمن" يقفز الوزير من تحت الترابيزة: - انتوا قاعدين على الكنبة ليه؟ حسن وأبوة يقومان فى صوت واحد:عشان نموت.... زهقنا خلااااص؟

طالع يا فجر بكره: أغنية البداية

قبل فتح الستار تنطلق أغنيه بصوت أنثوى فلاحى

تسجينا يا ذل الليل
وتسجى
من عكارك عنيه
بس الجلوب لساها بيضة
شراجى
الأرض ما تعرف زيك
دنيه
الأرض طاهرة
للى يفلح ويزرع جنته
وسط الجلوب العفية
جمر العشق فيها والع
ياليل الذل
يابو موال صبح ماسخ
تاه الحر فى ضلامك
وبيرتع خسيس في ضلامك الواسع
طولت ياليل
ونهارنا محبوس ورا ميت مانع
بس الأكاده ياليل
إن فجر بكره
طالع
طالع

الجمعة، ١١ يناير ٢٠٠٨

أول الكلام

هذه المسرحية هي مرآة صغيرة حاولنا بها أن نعكس ما يحدث فى مصر الآن، نتمنى أن تروا من خلالها ما نرى .. وربما أكثر

الحكاية

ينهار مبني وزارة الزراعة بسبب زلزال ضرب البلاد خلال اجتماع الوزير عويس البنهاوى ورجل الأعمال جلال بك النمرسى. لكن يبقي الجناح الموجود به مكتب الوزير دون ان ينهار بعد أن سدت كل المداخل والمخارج وصار الجميع حبيسي المكان في انتظار المجهول، اما الموت مع انهيار هذا الجزء أو انتظار الانقاذ والخروج من هذا المأزق.


الشخصيات


الوزير الدكتور عويس البنهاوي
وزير الزراعة واستصلاح الاراضي

شخصيه تافهة ومتسلقة بلا أى حيثية تؤهله لهذا المنصب الرفيع. وصل للمنصب الوزاري بالمصادفة، حيث كانت السيدة الأولي - التي لها حصة من الوزراء تختارهم بنفسها – تمارس عناداً مع رئيس الوزراء، الذى يحاول تقليص نفوذها، وأرادت أن تثبت للجميع أنها صاحبة كلمة نافذة، وليست مجرد عقيلة الرئيس، فقررت أن ترشح ضمن حصتها - رغم أنوف الجميع - شخصا لا يتخيلون مجرد جلوسهم معه. وجدت ضالتها فى عويس البنهاوى، جنايني حديقة القصر الجمهوري، ذلك الحلنجى، المتزلف، والفاشل بامتياز، فقررت تعيينه وزيراً للزراعة واستصلاح الأراضى، وتمسكت به، فنزل الجميع على رغبتها، وكان لها ما أرادت. وباضت دجاجة الحظ لعويس فى القفص الوزارى آلاف البيضات الذهبية بعدما صار معالى الوزير.

العميد مدحت عاصم
قائد حرس الوزير ومساعده المقرب

ضابط مرور سابق، تعرف عليه الوزير قبل الوزاره حينما كان جنايني بالقصر الرئاسي، جمعتهما الصدفة بعد أن ضرب مدحت عويسا علقه ساخنة لمخالفته المرور بعربة نصف نقل كان ينقل بها أصص زرع لقصر الرئيس، واشتكاه عويس لأحد ضباط الحرس الرئاسى الذى عاتب مدحت بقسوة فعرض مدحت أن يصالح عويس، وقد حدث، ثم تشاركوا جميعا في حفل مزاج كان عويس خادمه.

وكان ما كان من تعيين عويس وزيرا، فكانت فرصة العمر لمدحت، فاستحلف عويس بحق الأيام الخوالى أن ينقذه من المرور وبهدلته، فتوسط له عويس لدى وزير الداخلية ليكون حارسه الشخصي، وقد كان، وقربه منه حتى صار معاونه الأوحد قريبا ورجل الوزارة النافذ والمرعب آيضا، الذي لا يصل شئ للوزير إلا من خلاله.

وجد مدحت فى مكتب الوزير ضالته، حيث صار من الميسر له أن يقوم بتشهيل عمليات الفساد وأن يعمل وسيطا لرشي الوزير.


حسن زكريا
فراش الوزير

شاب صعيدى، وسيم، خريج كلية العلوم، فشل في الحصول علي وظيفه في كلية الزراعة أو الالتحاق بوظيفة بحثية بمركز البحوث الزراعية رغم تخرجه بتفوق ونيله للماجستير.

ظل لسنوات يعمل فى وظائف حرفية مؤقته آملا فى أن يقبل بوظيفة تناسب مؤهلاته. لكن تباعد به الأمل فقبل أن يتوسط له أبوه
عم زكريا الذي يعمل فراشا بمكتب وزير الزراعة كي يعينه مكانه خصوصا وقد بلغ به السن مبلغه ، وافق حسن علي العمل لمعرفته انه لن يستطيع ان يحصل علي دخل مثل الذي يجلبه بوفيه مكتب الوزير من الوظيفة التي يحلم بها.

سهير شاكر
سكرتيرة الوزير

امرأه في بدايات الاربعينات تزوجت وهى صغيرة زيجة فاشلة، وهربت من بيت الزوجيه فى بلدتهم الواقعة بالدلتا، وتلقفتها الشوارع، فاحترفت الدعاره فى القاهرة، وقبض عليها فى إحدى المرات، فخلصها مدحت من الجريمه بطرقه الملتوية، آدرك كلاهما آنهما مناسبان لبعضهما، قبلت
أن تكون تابعه له، وقد عرفت انه عنين ويحتاج لامرأة تستر عجزه أمام الناس، وهى تحتاج لمن يحميها ويتيح لها أن تعمل فى ممارسة الرذيلة بحرية، وليس هناك أنسب من ضابط فاسد.

مع وصول عويس للوزاره سنحت الفرصه لمدحت ولها ان يدخلا الوزاره ويسيطرا معا علي الامور فيها، تستخدم موهبتها كعاهرة محترفه فى إغواء كل من يحيطون بها. تقوم بتنظيم حفلات الوزير واستقبالاته كما تستجيب لاحتياجاته الجنسية عند اللزوم وجهزت مكتبه بحمام جاكوزي وحجرة نوم فاخره.

وقعت فى غرام حسن، ولا تمل من محاولة التقرب منه، ويشدها تمنعه عنها أكثر إليه وهي تحميه أحيانا من بطش مدحت وأحيان أخري تهدده انها تستطيع استبعاده وتستطيع ان تضره عن طريق علاقتها بمدحت

جلال بك النمرسي
مستثمر

رجل اعمال من بقايا الاقطاع، كل حلمه في الحياة ان يستعيد اراضي عائلته التي اممتها الثورة، جاهل ومتغطرس، يتعامل مع الناس بكبرياء وتصنع، لكنه فى الحقيقة وضيع ويمارس الفساد والرشوه ويشتري بماله الذمم من اجل تحقيق هدفه.

يستخدم مدحت لتسهيل استيلاؤه علي الاراضي التي تملكها الدولة والاوقاف الزراعية واي ارض يستطيع وضع يده عليها بابخس ثمن


عم زكريا
عامل الأسانسير بمكتب الوزير

أقدم عامل فى الوزارة، ساعى عجوز رفض المعاش رغم بلوغه سن التقاعد، والد حسن، يحاول التعايش مع الظروف من حوله، علمته السنون حكمة الصبر، مع تقدمه فى السن قبل الوزير أن يحل حسن محله، وعينه فى وظيفة أخف هى عامل آسانسير الوزير

الخميس، ١٠ يناير ٢٠٠٨

كلام مهم قبل السلام: المدونة المسرحية

هذه الفكرة هي عمل ظل يراودنا منذ فترة، انتاج عمل أدبي مشترك من خلال ورشة كتابة مفتوحة، كانت المدونات هي الملاذ، حجم الاتصال عبرها يزيد، في الحقيقة تعرفنا من خلال هذه الوسيلة الرهيبة، وجاءت الفكرة مع تزايد روح السخرية فيما نكتب، روح ساخرة تضحك بمراره علي واقع عجزنا أن نغيره، فهربنا إلي الأدب عله يكون بابا للتغيير، نواره نجم هي صاحبة جبهة التهييس الشعبية المشهورة بأم المدونين، وعبده البرماوي مدون مستقيل تختلط شخصيته منذ فترة بسائق توك توك اسمه سيد مراد، يديران هذه المدونة فقط، ربما أتيا بالفكرة، ربما وضعا لبنتها، لكن تطورها واتمامها بشكل جماعي هو الأهم وهو مهمة الجميع هنا.

ليس مهما أن تكون كاتبا محترفا أو موهوبا بل الجمي يستطيعون استدعاء خيالهم وتحويل ذائقتهم لمشاهد ومواقف، سنتولي نحن الصياغة، وسنحاول أن نجمل تعليقاتكم وآرائكم فيما نكتبه، سنطور في هذا النص يوميا حتي نراه اكتمل... ساعتها سنترك المدونة للتاريخ هاهنا ونفتح مدونة أخري بفكرة أدبية جديدة.

نعم السؤال الذي راودك لن نجيب عنه. لو قرر أحدهم شراء العمل سنبيعه وسنأخذ نحن المقابل المدفوع فيه، لكن تأكد أننا سنتبرع بجزء منه لوجه الخير، نعم .... نسبة تلاته ف الميه.... لا تغضب سنجعلها خمسة ف الميه من أجل عيونك. وربما لو جئتنا ع القهوة تحصل علي مشروب ساخن علي حسابنا، صفقة مربحة... أليست كذلك؟

يمكنك التعليق علي بناء الشخصيات ومسار الأحداث وكتابة حوار بديل لأي جزء وطرح أسئله عن أي جزء

عفوا... سنحذف كل مشاركه تخرج عن إطار الورشة المسرحية، ونرحب فقط بمن يلعب معنا هذه اللعبة وضمن حدودها.


تحياتنا
المؤلفان الرسميان

نواره نجم
عبده البرماوي