الأحد، ٥ أكتوبر ٢٠٠٨

المشهد الثانى أهه: هز هنا وهز هناك

يلف الظلام الدامس غرفة مكتب الوزير التى استحالت فوضى عارمه تظهر ظلالها تحت أضواء شديدة الخفوت
يتصاعد صوت سهير السكرتيرة:
- أي....مين الناقص اللي عمل كده؟ وهوه ده وقته؟ فتتصاعد النحنحه من أكثر من رجل
يرتفع بعدها صوت مدحت:
- الدنيا ضلمة كحل حدش معاه ولاعة يا اخوانا؟
يخرج جلال بك، الذي يجلس تحت المائدة، ولاعته الذهبية ويشعلها، (ضوء متوسط يعم المسرح)
عم زكريا الذى يغادر مكانه على الأريكه
- النور ده جليل جوي، آني معايا لنضة ببطارية، خلي السبرتاية دي يا جلال افندي لما البطارية تشطب إبجى قيدها.. يضيء عم زكريا بطاريته (تكتمل إضاءة خشبة المسرح)
تظهر غرفة مكتب الوزير وقد تهدمت أجزاء منها: الحمام وقد وقع بابه وأظهر بعض ما به من تهدم، والحائط الخلفي.
تزحزحت الأريكة قليلا، ولا زال حسن يجلس عليها ويضع قدمه دونما اكتراس فوق المنضدة المواجهة للاريكه، المائدة البيضاوية التي يجلس تحتها الوزير والسكرتيرة ومدحت وجلال بك تعلوها الاتربة وقطع الحجارة الصغيرة،
يخرج الوزير رأسه قليلا من تحت المائدة
- حسن.... يا حسن.... (يرد حسن بفتور)
- نعم يا باشا دون أن يلتفت نحوه (الوزير مخرجا رأسه قليلا وهو يتحسب سقوط شئ من السقف)
- هو انتوا لسة عايشين؟ (يذهب عم زكريا مادا يده للوزير كى يخرجه من أسفل الطاوله ويرد بسخريته المعهودة)
- معلش حقك علينا يا أفندى . والله....اضطرينا نعيش...
يخرج جلال بك من تحت المنضدة دافعا يد زكريا بعيدا عنه وهو ينفض ثيابه:
- وإيه اللي يضطركوا تعملوا كده..... (يتلفت بتوجس ويهمس لزكريا)
- هو الزلزال خلص؟
يرفع مدحت رأسه ليخرجها من وسط المائدة وينظر يمينا ويسارا ويرد بطريقة تقريريه وهو يقيم طوله:
- أظن جنابك مافيش هز تاني
يؤكد جلال على كلام مدحت:
- أيوه جنابك، آظن مفيش هز مش كده برضه ( يقولها وهو ينظر بابتسامة خبيثة للسكرتيرة)
تخرج سهير السكرتيرة من أسفل المنضدة وهي تنفض التراب عن ثيابها وشعرها:
- امبوسيبل... (وتنظر لصدرها وهى تعدل هندامها) :
- التقم ده غالي قوي اتبهدل كده في الشيكنج .... وتمضى سريعا من أمام جلال كأنها تريد الاحتماء بحسن
يدير عم زكريا الراديو ويضبطه على صوت أم كلثوم، بينما حسن ينظر إليهم جميعا باستهزاء وهو صامت
ينظر مدحت بغيظ لحسن الجالس على الآريكه ويشخط فيه:
- فز قوم شوفلك صرفه فى العفره دى يا بتاع إنت
تتوجه سهير نحو مدحت وترفع صدرها ليلامس صدره وتمط شفتاها نحو أنفه.
- كابتن مدحت.... ماكياجي باظ؟

يتأمل صدرها قليلا ثم يتنبه وهو يشيح بيده وينهرها بعصبيه.
- كابتن؟ ... شايفاني قدامك بالشورت والفانلة الكات؟

ينظر الوزير وجلال بك حولهما ليبحثا عن كرسي يجلسان عليه، يتنبه مدحت ويوجه حديثه لحسن بازدراء:
- انت لسه يا حيوان قاعد مكانك ليه؟ تحب نخدم عليك وللا حاجة؟ قوم نفض كرسيين لمعالي الوزير والاكسلانس خليهم يقعدوا...وشوف اسيادك يشربوا ايه يا جربوع

يبتسم حسن في استهزاء موجها حديثه لمدحت وهو ينظر إلى جلال بك الذي أخرج سيجارا من جيبه وهم بوضعه في فمه
- كان على عيني....
يصرخ مدحت فيه بصوت جهورى
- قلع عينك يا شبه امك...قوم ياد اتلحلح
اعتدل حسن في جلسته ووضع مرفقيه على ركبتيه وشبك يديه وهو مازال ينظر لجلال بك
- انتوا ايه اللي طلعكوا من تحت الترابيزة...طب انا وابويا مستبيعين ومش فارقه معانا لو اندفنا تحت الانقاض، ليه جنابكم تتهورو وتعملوا زينا...
-
اعتدل الوزير في وقفته وهو ينظر إلى حسن مدعيا عتابه ويتحدث إلى جلال بك بخنف:
- معلش يا جلال بك الساعي بتاعي اصله شايل منك شويتين عشان الكلام الفارغ اللي انت قلته... بس يا أستاذ حسن مافيش داعي تزعل نفسك....ده كلام قاله جلال في وسط ازمة والحمد لله الازمة خلصت، صافى يا لبن بقى

يتأفف جلال بك بعد أن دفعه مدحت فى كتفه، وبدأ يخرج سيجارا آخرا من جيبه ويقدمه لمعالي الوزير
- أوووه يور هاينس....ارجو انك تقبل اعتذاري انت عارف الواحد بيبقى عامل ازاي في لحظة مواجهة الصعاب... ويستدرك بس ماشاء الله على معاليك....انت الوحيد اللي كنت ثابت فينا.... فعلا ليدر سوبر، ورمز للشجاعة والروح المنتصرة الـــ (يهرب الكلام من فمه وهو يقلب جيوبه بحثا عن الولاعه)

تمتد يد مدحت بولاعة جلال ليشعل السيجار للوزير، ثم يمد يده نحو جلال بك ليشعل له السيجاره فيخطف جلال الولاعه من يده ه وغضب.

يأخذ الوزير نفسا عميقا وهو يضع يده في جيب البنطلون ثم يستقر جالسا على الأريكه وهو يخرج دخانا كثيفا من فمه ويتأمل صعوده فى الهواء:
- الشخصية الزعامية كده يا اكسلانس...لازم تثبت قدام الشدائد والازمات عشان رعاياها ما يرتبكوش، أومال إيه؟.

يعيش الدور، فيبدأ في مط شفتيه والتلويح بيده التي فيها السيجار بينما مازال يضع يده الاخرى في جيبه، يحاول أن يفعل كما كان يفعل في السابق، فتتعثر يده، يقوم ويبدأ في المشي خطوات واسعة وهو يلوح بيديه كأنه يخطب في حملة انتخابية وجلال بك ومدحت وسهير يحاولون السير وراءه كما يفعلون عادة، يستدير نحوهم وهو يهتف بصوته الآخنف:
- دى مسئوليه... ربان السفينة بيفكر في نفسه آخر حا......

فجأة، تحدث هزة اخرى ينتفض ويتعثر في أحد الكراسي الملقاه فيسقط على وجهه ويتعثر الثلاثة فوقه، ويقعون جميعا ورؤوسهم عند أقدام حسن وعم زكريا اللذان لم يتحركا من مكانهما
- آآآآآه إيه اللي حصل
يتركهم حسن ويريح ظهره إلى الاريكة ويفرد ساقيه لتقابل بالضبط وجه الوزير الذي مازال مستلقيا على بطنه والثلاثة الآخرين واقعون فوقه
- ماهو ده اللي حاولت اوضحهولكوا....الزلزال لازم له توابع.....

يبدأ الثلاثة في القيام وينفضون الاتربة التي سقطت عليهم من السقف مرة أخرى يحاول جلال التحرش بسهير متصنعا انه ينفض الاتربة من فوق ملابسها، تبتسم باغراء له في البداية لكنها تتنبه لحسن فتزيح يده من عليها وتتقرب في أدب من حسن متحدثة إليه بلهجة شعبية
- طوابع ازاي يا سي حسن؟ وتحاول أن تستظرف، هو الزلزال ده جاى من مصلحة البريد ولا إيه... هئ هئ هئ

ينهرها الوزير الذى يقيم طوله ويقف الوزير باعتداد مخنفا صوته مرة اخرى
- بلا طوابع بلا جوابات...احنا في عصر الانترنت دلوقت...ايه الجهل ده؟ يلا يلا يلا كل واحد يشوف حاله ... ثم ينادى مدحت الذى يهرع نحوه:
- آفندم معاليك
- اتصل باي حد خليهم يجوا يطلعونا من القرف ده انا محتاج اخد شاور...كمان فيفي ح تقلق عليا قوي
- تمام معاليك
يتوجه مدحت نحو التليفون ويخرجه من تحت مكتب الوزير ثم يحاول الاتصال
- الحرارة مقطوعة معاليك
- ايه ده؟ ازاي في عصر القرية الذكية والسماوات المفتوحه تنقطع الحرارة كده، ثم يوجه حديثه لزكريا:
- قوم اتحرك شوف الزفت ده مش شغال ليه

يعلق عم زكريا المشغول بسماع ام كلثوم
- قرية ذكية يعنى إيه... مافهاش بهايم يعنى... السلوك انجطعت سعاتك ع نعملك ايه يعني؟
- اتصرفى يا سهير. حد يتصرف شوفولنا طريقه نبلغ بيها عن وجودنا هنا

يعلق جلال بك محاولا تهدئة الوزير
- معلش معاليك مدحت هايتصرف
يستجمع الوزير نفسه ويعدل هندامه
- طيب يا مدحت ناولنى الموبايل بتاعي

يجيب حسن بسخريه مستتره
- موبايلك يا معالى الوزير في الحمام اللي اتدشدش .. انت ناسي انك كنت بتتكلم في الموبايل جوه مع المدام....

يتنحنح الوزير متجاهلا ملحوظة حسن
- مين اللي قال ان الحمام اتدشدش؟ (يدفع مدحت) خش يا مدحت بص كده...
يبدو على مدحت الارتباك
- ادخل فين سعاتك ده عاليه واطيه وباين من هنا انه مهدود خالص ... حضرتك مش شايف وللا ايه؟
تتسع عينا الوزير ويندب بطفولة
- يعني ايه؟ يعني الجاكوزي بتاعي والموبايل ابو كاميرا راحو خلاص؟ خلاص؟ يادى الحوسه... فيفي ح تدبحني... ده عليه الفيديو بتاع فيفي لما كنا في شرم وهى بتعمل التاتو، ده هي اللي ...
يدنو منه جلال بك ويهمس محاولا ترضيته
- هي اللي جابتهم لك برضه؟ متقلقش يتعوض يا باشا (ينهره بتوتر)
- بدل ما تتكلم كده طلع موبايلك واتصل باي حد
- موبايلي؟
(ينتبه لعدم وجود تليفونه المحمول معه، وينظر الى مدحت معاتبا)
- انتوا مش قلتوا لي ممنوع الموبايل يدخل مبنى الوزارة كله عشان الاحتياطات الامنية؟
ينظر الوزير نحو سهير ومدحت
- يعني ايه طيب فين موبايلك اللى طول النهار تلعبى فيه يا سهير... فين اللاسلكى بتاعك يا حضرة الظابط...
تجيب سهير بعدم اكتراث:
- سيبته برة زي اوامر حضرتك، حضرتك بتتضايق لما بيقعد ينور فى إيدى وأنا باوريك البوسنه وامضيك على الاوراق
يصرخ الوزير في مدحت:
- طب فين اللاسلكي بتاعك؟
يضحك مدحت في ارتباك وقلق
- لاسلكي ... (ويهمس فى أذن جلال):
لاسلكى ايه هو انا باشتغل في المرور؟ ثم يعلو صوت محدثا الوزير
- عطلان وكنت باصلحه سعادتك
يجرى نحو حسن:
- حسن فين موبايلك؟
- منين ياباشا؟ من الميتين جنيه العمي بتوع الوزارة؟ (يتركه ويتجه مهرولا نحو عم زكريا ويكلمه باستجداء)
- طيب هات موبايلك انت يا عم زكريا
يضحك عم زكريا ضحكة حشاشيني
- الله يحظك يا باشا، آنى باخاف م البتاع دهه لما باشوفه في يد النفر منكم، آقوم اشيله آنى
يقف حسن واضعا يديه في جيوبه
- يعني الاتصالات مقطوعة سعادتك
- طيب والعمل ح نخرج ازاي
- قول ح نقعد ازاي هنا لحد ما يعرفوا يطلعونا؟
- يعني ايه؟
يسير حسن نحو منتصف الغرفة
- الهزة الأرضية بتبتدي قوية من البؤرة نفسها، وبتاخد ثواني، وأحيانا دقيقة أو دقيقتين تلاتة بالكتير قوي
يتحلق الجميع حوله عدا والده عم زكريا الذي يظل يستمع إلى أم كلثوم، أما حسن فيكمل حديثه والوزير ومدحت وسهير وجلال بك ينظرون إليه باندهاش واهتمام
- وبعدين تتوقف خالص، بعدها بفترة، ممكن ثواني، ممكن دقايق، ولمدة أيام ويمكن أسابيع بتحصل هزات متفرقة أقل في القوة...لكنها في بعض الأحيان بتكون أكبر في الخطورة
يبدأ الثلاثة: الوزير وجلال بك والسكرتيرة في الجلوس على الأرض حوله وهو ما زال واقفا بينما يضع مدحت يديه في جيبه وهو ينظر له بقرف
- ما تكلمنا عربي يا حضرة الساعي المثقف.....بؤجة إيه وهزات إيه أنا حاسس انك بتحكي عن بت (وينظر نحو سهير في لؤم) اخدت هدومها في بؤجة وراحت تهز في شارع الهرم....
ترتبك سهير وما تلبث أن تحدث هزة توقع مدحت أرضا وترعب الوزير وجلال وسهير بينما يحاول حسن أن يتماسك فيقع هو الآخر ينظر الوزير نحو مدحت
- ما تتلهي بقى يا اخي والحاجة اللي ما تفهمش فيها ما تتكلمش فيها (ثم يربت على ركبة حسن وهو يبتسم له) كمل يابني الله ينور عليك.....قلت لنا هزعات تخلينا نمشي نكلم نفسنا مش كده؟
- لا يا معاليك.... بصوا
ثم يأخذ حسن حجرا صغيرا من الارض، وينظر نحو كوب لم يقع ويوجه خطابه لسهير وهو ينظر نحو الكوب
- الكباية دي لسة فيها شوية مية يا سهير.....قصدي يا مدام سهير؟
تهرع السكرتيرة بطاعة وإذعان نحو الكوب وتنظر فيه ثم تنظر نحو حسن بقلق
- يدوبك قراط او اتنين
يشير بذراعه وهو ينظر الى الارض
- مش مهم هاتيها
تهرع نحوه وتعطيه الكوب ثم تجلس على يساره على الارض وامامه جلال بك والوزير على يمينه ويلقي حسن الحجر الصغير في الكوب وهو يقرب ثلاثتهم عليه ومدحت يأتي من ورائه يتلصص وعيناه تفيضان بالغباء في محاولة لفهم ما يقوله حسن
- شايفين الموجات اللي حصلت لما رميت الحجر الصغير في المية؟ اهو الزلزال بيحصل شبه كده
فينظر اليه جلال بك بانبهار
- ومين يا دكتور حسن اللي رمى الحجر ده وعمل فينا العملة دي عشان نعاقبه؟
يضحك حسن
- معلش يا جلال بك دي قصة طويلة مش ح اقدر احكيهالك بس ماحدش معين هو اللي رمى الحجر...كل اللي انا عايزكوا تعرفوه ان اول هزة في الزلزال بتبقى موجة قوية زي اللي شفتوها في المية....بينتج عن الموجة القوية دي انهيارات لبعض اجزاء من البنايات اللي اساساتها ضعيفة او قديمة او مبنية في دول كانت مش من ضمن حزام الزلازل وبعدين دخلت فيه
يبدأ مدحت في الجلوس ولكن دون أن يرتاح على الأرض، ولكنه يجلس كأنه في وضع الاستعداد للجري
- مين اللي دخل في ايه؟ انت بتقول ايه
تنظر له سهير باحتقار
- يا وساخة مخك يا اخي افهم....بيقول لك حزام الزلازل
- ماله
- لازم تلبسه عشان ما تتزلزلش
- يا سلام هو قال كده؟ (ثم ينظر في بله نحو حسن) انت قلت كده يا كابتن؟
جلال بك ينظر الى سهير ومدحت باحتقار
- اغبيا..بيقول لكوا الزلزال ده كأن واحد رمى طوبة في مية....والهزة الاولانية بتقطم وسط البيوت اللي مش لابسة حزام لانها مش في بالها ان الزلزال ح يجي....لكن ح اقول ايه....ادي فهم اللي اتعلموا بالمجاني
ثم ينظر نحو حسن باكبار ورغبة في نيل اعجابه
- مش انا فهمت صح يا باشمهندس حسن؟
- اولا انا مش باشمهندس....ثانيا انا متعلم بالمجاني....ثالثا يعني ممكن تكون فهمت بشكل قريب مش ده المهم المهم انكوا تعملوا حسابكوا ان المباني دلوقت ضعيفة جدا واي هزة من هزات التوابع ممكن تسوينا بالارض
ترقع سهير بالصوت....ويكفهر وجه الوزير
- تف من بقك يا شيخ
ويرتبك مدحت وينتفض واقفا ويخرج طبنجته صارخا
- ما تقولش كده اي طوابع ح تيجي ح اقتلها
يقف جلال ويقترب من مدحت وينظر له باستهتار
- ما كنت قتلت اللي قبلها واللي قبل اللي قبلها....يا شيخ اتلهي
ثم يجلس مرة اخرى بجانب حسن مزيحا الوزير الذي يشيح بيده
- ما تحاسب يا اخي هو انت خلاص يعني جايب كشكول المحاضرات معاك؟ اقطع دراعي ان كنت فهمت حاجة
ينظر له جلال باحتقار
- على الاقل معايا ابتدائية قديمة مش جنايني بافك الخط على قدي...
ثم يلتفت لحسن
- المهم يا استاذ حسن...يعني ايه العمل دلوقت
- العمل انكوا تاخدوا احتياطاتكوا وتقعدوا تحت الترابيزة تاني
فيجري الجميل لينزل تحت الترابيزة
فيبتسم حسن
- لحدا ما الدور الارضي اللي احنا فيه يتهد والترابيزة تتكسر على دماغتكوا ويطلعوا جثثكوا اللي راسه فيها مسامير واللي راسه فيها رجل ترابيزة واللي واخد الميكرفون وحاضنه
فيخرج الجميع من تحت المائدة ويلتفون حول حسن ويسأله مدحت برجاء
- امال نعمل ايه يا ح اللوا
في هذه اللحظة يقف عم زكريا عند احد المحطات الاخبارية
- اسمعععععع....بيتحدتوا علينا....
ويأت الصوت من الراديو: وقد تسبب الزلزال الذي كانت قوته خمسة ونصف ريختر في انهيار مبنيي وزارة الداخلية والزراعة....وقد توجهت فرق الإنقاذ بقيادة عدد كبير من مسئولي الدولة إلى مبنى وزارة الداخلية، .الجدير بالذكر أن السيد وزير الداخلية قد نجى من الحادث بسبب قيامه بجولة لمقابلة وزراء الداخلية العرب والتنسيق معهم لمحاربة الشعوب...عفوا لمحاربة الإرهاب.
كما توجهت فرقتان لوزراة الزراعة لإنقاذ السيد وزير الزراعة الدكتور عويس البنهاوي حيث كان متواجدا بالوزارة أثناء انهيار المبنى.
يصرخ مدحت وهو يجلس على الارض
- ضعنا واللي كان كان....كان لازم مبنى وزارة الداخلية يتهد معانا؟ اهم ح يسيبونا ويهتموا بوزارة الداخلية عشان الناس اللي في البدروم
يتصنع عم زكريا الانشغال بتحريك المؤشر وهو يتمتم كأنه يحدث نفسه
- كل بدرون وله ناسه
ثم يوقف المؤشر على أغنية فريد الأطرش "يا مجبل يوم وليلة أطوي السكة الطويلة وديني بلد المحبوب" فيتجه حسن نحوه وهو يخاطبه بأدب وقد أحنى ظهره قليلا: يابا والنبي خلي الاخبار خلينا نعرف راسنا من رجلينا
فيرفع عم زكريا رأسه وينظر لحسن
- سلامتك يا ولد...راسك اهين ورجليك اهمن....والباجيين رجليهم فوج رجبتهم يعني جنب روسهم
يجلس مدحت على الارض وهو يضرب ساقيه بكفيه
- انا كان ايه اللي جابني الوزارة الوسخة دي....ما كنت فضلت في الداخلية
ثم يبدأ في البكاء والنواح
- قال كنت خايف يودوني الصعيد....ادي الزلزال جاني لحد عندي وح ينسوني...ح ينسوني عشان ربطت نفسي بوزير فاشل....جنايني...يا لهوي ياما
يقف الوزير في عظمة
- اخرس يا كلب....انا ولي نعمتك يا دون يا واطي
يقف بجانبه جلال بك وهو يحاول ان يهدئ من روع الوزير
- هدي نفسك يا معالي الوزير الراجل فاقد اعصابه، وبعدين يعني هو ماقالش حاجة غلط
تضع سهير يدها على خدها وهي جالسة متربعة على الارض
- يا فرحتي بابو الرجال مدحت باشا مالك عمال تلطم زي الولايا كده؟ دلوقت لما يخرجونا معالي الوزير ح يبعتك الصعيد اللي نفسك فيه (ثم ترقع ضحكة رقيعة) بس اوعى يعرفوك في الصعيد ويجرسوك احسن دول ما بيرحموش....ما تخليك هنا واحنا ستر وغطا على بعض هئ هئ هئ هئئئئئئ
يقترب الوزير من سهير وهو يمسح على ظهرها
- تمام كده يا ست الكل...انت دايما فاهماني، انا ح اوريه الكلب ده
ينهار جزء من السقف فيفزع الجميع ويتراجعون الى الخلف ويصرخ الوزير
- الحقني يا حسن...يا دكتور حسن...ايه ننزل تحت الترابيزة
يجلس حسن بجانب والده على الاريكة
- ما قلت لكوا الادوار اللي فوقينا اتهدت وكلها كام ساعة والسقف يقع علينا ونموت كلنا اذا ما لقيناش وسيلة نخرج بيها من هنا
يعلو صوت عم زكريا:
- اسمععععععععع جايبين سيرتك يا معالي الوزير اهو.....الف مبروك اتشهرت وبجيت ولا فيفي عبده
يأتي صوت المذيعة من الراديو: أوكل السيد رئيس الوزراء إلى السيد محسن عبد العال وكيل أول وزارة الزراعة القيام بمهام وزير الزراعة، وقد تعهد السيد محسن عبد العال القائم بأعمال وزير الزراعة ببذل كل الجهود المطلوبة لإنقاذ السيد وزير الزراعة أو معرفة أي أخبار عنه.
تبدو الصدمة على وجه الوزير
- يا نهار اسود ومنيل بستين نيلة، محسن عبد العال؟ ده ح يدفني بالحيا ويقول لهم ما عرفتش عنه حاجة، ده انا خارب بيته.....
ينظر الجميع إلى الوزير: حسن ينظر له باندهاش، وعم زكريا ينظر له بابتسامة، اما مدحت وجلال فينظران له باحتقار، وسهير تنظر له باستهزاء
- وكمان اترفدت.....
يقترب منه مدحت مؤنبا
- وتخرب بيته ليييييييييه؟ تخرب بيته ليييييييييييه؟ انت مدمن اذية من غير سبب يا اخي؟
يشعل جلال بيك سيجاره الذي كان قد انطفأ بعد أن تركه مدة طويلة في يده
- هو ما كانش مفروض يبقى وزير اصلا....جنايني يبقى وزير زراعة؟ على كده بقى تمارجي يبقى وزير صحة
يخرج مدحت مسدسه ويصوبه نحو حسن
- اسمع انت الوحيد اللي بتفهم فينا هنا....لازم تخرجني انت سامع؟ انا سلطة....انا اللي باحفظ الامن...انا اهم واحد فيكوا هنا
يبتسم حسن بسخرية غير آبه بالمسدس الموجه نحوه ولا يقوم من مكانه
- غريبة انك تبقى اهم واحد مع انك لسة قايل اني انا الوحيد اللي بافهم
يرتبك مدحت ثم يستجمع نفسه مرة اخرى
- انا قصدي بتفهم في البؤجة والهزات والكلام اللي قلته ده...اوعي ياد تكون بتنخع علينا وبتقول اي كلام ومستغل اننا مش فاهمين حاجة
الوزير ينهره
- ايه اللي بتقوله ده يا مدحت انت نسيت انه ساعي
- اسمي مدحت باشا يا جنايني.....وهو ساعي بس هو اللي ح يعرف يخرجنا من هنا
يضع حسن رأسه على فخذ والده الذي يربت على كتفه ويثني ساقيه كأنه طفل في أحضان أمه
- وانا ايه اللي يخليني عايز اخرج من هنا؟ هي موتة وللا اكتر؟ اخرج عشان اشتغل ساعي تاني؟ خلينا هنا مع بعض
يصرخ مدحت مصوبا المسدس نحو رأسه
- ح اقتلك
- يا ريت...الموتة بالرصاص الطف بكتير من الموتة تحت الانقاض...
ثم يعتدل حسن في جلسته
- عارف الناس بتموت تحت الانقاض ازاي يا مدحت باشا؟ راسها بتتفشفش
وممكن تفضل عايش تحت الانقاض مدة وما حدش حاسس بيك والطوب ينزل على راسك...طوبة طوبة لحد ما راسك تتفرم وروحك ما تطلعش غير بعد عذاب
ثم يعود ويضع رأسه مرة اخرى على فخذ والده
- لكن بقى طلقة نار ثانية واطير....اضرب اضرب يا شيخ وخلصني
ثم ينظر نحو ابيه
- آبا...تطير انت الاول وللا انا؟
يقلب عم زكريا مؤشر الراديو
- طيب ادام الحكاية فيها طيران يبجى ندوِر بجى على اذاعة القرآن الكريم...الحمد لله آني صليت العصر....ألا هو المغرب ادن يا ولدي؟
- على أدان يابا....
يسير جلال بك متوترا وخائفا نحو مدحت
- يا مدحت بيه مافيش داعي تستخدم العنف مع حسن باشا اذا كنت شايف انه الوحيد اللي قدر ينقذنا
- ح ينقذنا ورجله فوق رقبته
تتقدم سهير نحو حسن وهو مايزال واضعا رأسه في حجر أبيه وتنزل على ركبتيها وتربت على ذراعه مخاطبة اياه بنفس اللهجة الشعبية
- والنبي يا سي حسن ما تاخدش على خاطرك انت على راسنا من فوق واذا كان على مدحت فانت عارفه جته الطور ومخ العصفور
يعود الوزير للصراخ
- ما تتخرس بقى يا مدحت الزفت....واذا كنت انا اترفدت فكلنا هنا زي بعض....وللا انت فاكر نفسك لواء اركان حرب...ده انت حيالله حتة مشهلاتي
يتهاوى مدحت ويجلس على الارض وهو ساندا ظهره الى الحائط الايسر
يقترب الوزير الى حسن منحنيا بعض الشيء
- يابني انا زي والدك....ما تقولنا نخرج من هنا ازاي
يعتدل مرة اخرى حسن في جلسته
- زي والدي؟ ما والدي اهو.... عموما احنا لازم نشوف لنا طريقة نخرج بيها من هنا...لازم يبقى فيه سلم يطلعنا على سطح...أو باب وراني....أو نفق
عم زكريا وهو واضعا أذنه بجانب الراديو وهو يقلب المؤشر ثم يعلق بلا اكتراث
- أو بدرون...هي اذا القرآن قبل الشباب والرياضة وللا بعدها؟
تتربع سهير في جلستها وهي تضرب فخذيها باكية
- يا خسارة شبابي.....يا وكستي السودا.....
ينظر حسن نحو عم زكريا باندهاش ومفاجأة
- انت قلت ايه يابا الحاج؟
- حاج؟ ما انا جلت لك يابني جدم لي في الجرعة عشان احج لنفسي ولام حسن وانت اللي اتلكعت
- باجول لك جلت ايه يابا
- جلت اذاعة القرآن جبل الشباب والرياضة وللا بعديها
- يابا الحاج ما تلاوعنيش الله يخليك...انت جبت سيرة بدرون
عم زكريا لا يرد
- والنبي يابا جول ع تجول ايه
تقترب سهير من حسن وتجلس ملتصقة بجانبه على الاريكة
- ياااااااه اول مرة اسمعك بتتكلم باللغوة الصعيدي
نظر لها حسن شذرا
- إيوة لما بتبجى روحي في خشمي وما بابجاش طايج حد واصل وممكن اصور جتيل باتحدت باللغوة الصعيدي...افصحي هناك....
تتراجع سهير بخوف
يعود حسن يخاطب والده في رجاء
- جلت ايه يا حاج؟ والختمة الشريفة لو خرجتنا منها لابيع اللي ورايا واللي جدامي واحججك
ينظر عم زكريا بسخرية
- هو انت وراك وللا جدامك غير صفير الهوا يا خايب؟
ثم ينظر عم زكريا إلى الوزير وجلال بك
- ما البشوات اكيد عارفين البدرون بتاع الباشا
ينظر له مدحت في انتباه وكأنه استفاق من إغماءة
- أنا؟
يعود عم زكريا للعبث في الراديو موجها خطابه لمدحت
- انت باشا وكل حاجة بس دوكهة باشا تاني...الا انتوا مش بتوعت أمن برضك والاصول تبجوا عارفين مداخل المكان ومخارجه لجل ما البشوات الظباط اللي زيك يأمنوا البشوات الافندية الوزرا والبشوات الاسلانسات؟
ينفعل حسن
- يابا ما تنطج بجى الله يفكها عليك
ينظر عم زكريا الى حسن في عتاب فيهوي حسن على يد ابيه مقبلا اياها
- حجك عليا يابا اني جليل الحيا....بس ياروح ما بعدك روح
يسحب عم زكريا يده من حسن
- امال عملت دكر وجلت لهم هي موتة وللا اكتر ليه؟ انت بجيت زييهم تجول حديت ما انتاش جده وللا ايه؟
- (يطرق حسن خجلا) على جولك يابا....العمر واحد والرب واحد...
- اسمعوا يا افندية، بجى الجصر دهون كان بتاع واحد من البشوات الكبارات جوي من بتوعت زمان، من ايام مولانا، واني كنت عيل حلو كده وابويا كان طباخ إهنه، أمال ده اني ابن ناس جوي بس الزمن جار عليا، كان ابويا يعمل الشركسية والضلمة والخرفان....
يبدأ السقف في الانهيار مرة اخرى فتصرخ سهير
- يا عم زكريا اعمل معروف قول لنا نخلص ازاي
يقف مدحت صارخا
- ده راجل عجوز وجربوع بيلعب باعصابنا....انت ح تحكي لنا قصة حياتك يا حيوان
ينتفض حسن وهو يتحدث بهدوء ويضغط على الحروف مهددا مدحت
- لو طولت لسانك على ابويا تاني ح ادفنك مكانك
يهم مدحت بالاشتباك مع حسن فيناديه والده بصوت مجهد
- مالوش عازة يا ولدي كلتنا ح نندفن هنا اذا كان حديتي مش لادد على الباشا
يتدخل جلال بك ويجلس بجانب عم زكريا
- حقك علينا يا عم الشيخ....معلش، اصل دول تربية العسكر مش زيك تربية الناس الاصلا بتوع زمان...والله اول مرة اعرف انك تربية بشوات...عشان كده راجل محترم
ينظر له عم زكريا باسما
- والله يا افندي المحترم محترم في نفسه...طيب ما انت تربية بشوات انما البعيد لابس خاتم دهب وسنسلة دهب كنك كلب هول
يصاب جلال بك بالحرج وسط ضحكات الجميع ثم يقول له الوزير منحنيا نحوه
- المهم يا عم زكريا...يعني انت تعرف القصر ده كويس؟
- باجول لك يا افندي متربي فيه....كنا بنشتغلو في البدرون وننامو في البدرون وناكلو في البدرون
تجلس سهير في الوسط ما بين جلال وعم زكريا لاصقة صدرها بكتف عم زكريا مترققة معه في الحديث
- وفين البدروم ده يا عم زكريا
يبتسم عم زكريا في لؤم
- والله يا بتي لو كنتي لحجتيني من اربعين سنة ما كنتيش عرفتي رجالة غيري واصل
فيضحك حسن مقهقها
- يابا انت في ايه وللا في ايه ....المهم فين البدروم ده
- ورا الدولاب اللي في المطبخ اللي جنب الفسحة اللي احنا جاعدين فيها دهين
- برة يعني يابا؟
- إيوة
يهرع مدحت نحو الباب فيبادره حسن
- استنى استنى يا مخ العصفور....انت رايح فين
- اخرس...انا ح اخرج
- تخرج ازاي بس....انا عايز افهم هم شالوا لك مخك وحطوا مكانه غزل البنات؟ انت مش شايف الهدد؟ اي حركة زيادة ممكن يقع على دماغك طوبة تفشفشها وساعتها غزل البنات يطلع بقى والنمل ياكله
- يعني ايه؟
- يعني اللي يخرج لازم يبقى واحد بس، ويبقى حريص، ويعرف السكة كويس من ابويا وياخد باله انه ما يدوسش في هدد ولا يعمل حركة زيادة توقع الخرسان على راسه وراس كل اللي في المبنى فهمت؟
- يبقى عم زكريا نفسه هو اللي يخرج
- انت بتقول ايه؟ ابويا يخرج وهو في السن ده انت اتجننت
- يعني مافيش غير اللي في السن ده هو اللي يخرج هو عايز ايه تاني من الدنيا؟
يرتبك حسن ثم يستدرك بسرعة
- بس ابويا حركته تقيلة، وممكن رجله ما تثبتش كويس وممكن يعمل حركة زيادة توقع على راسنا كلنا المبنى
يتنهد مدحت في تحد
- يبقى مافيش غيرك
- واشمعنى انا؟ انت مش رجل امن؟ مش شغلتك تفدي الناس بروحك؟
- الكلام ده عند امك يا روح امك...افدي مين؟ سيدة العالمة وللا عويس الجنايني ولا سى جلال ابو ابتدائية وللا حتة ساعي وبواب؟
ينظر له حسن في تحد هو الآخر
- كل دول...مادول الشعب يا باشا...مش الشرطة في خدمة الشعب برضه؟
يخرج مدحت مسدسه مرة أخرى
- لو ما خرجتش دلوقت ح افرغ ده في دماغك
- ما قلت لك فرغه وخلصني يا اخي
يسحب مدحت المسدس فيقف الجميع منزعجا بما فيهم عم زكريا ويقف حسن امام مدحت في تحد فتصرخ السكرتيرة
- اعقل يا مدحت ده هو الوحيد اللي ممكن ينقذنا ، يرد مدحت بصوت جهورى واثق
- ح تلاقي رجاله كتير غيره يا سيده وهو مالوش لازمة عندي ديته طلقه بشلن زى دى
ثم يضغط على الزناد فيتبين ان طلقاته قد نفدت
يجلس الوزير على الارض مشيحا بيده
- جتك نيلة حتى المسدس اللي مخوفنا بيه طلع فاضي
يستند جلال بك على المائدة متنفسا الصعداء
- الحمد لله غباوتك ساعات بتنفعنا... (ثم يضحك مقهقها) فضيت الرصاص في السقف يا اهبل؟
تضحك السكرتيرة ضحكة خليعة
- وحياتك يا جلال بك مش بس مسدسه اللي فاضي....ده كل حاجة عنده فاضية هئ هئ هئ من راسه لرجليه
ويضحك الجميع بصوت عال عدا حسن الذي مازال ينظر له بتحد
- متهيألي تنزل انت بقى تخدم الشعب مرة واحدة في حياتك
ينهار مدحت ويجلس على الارض باكيا
- انا ما اقدرش ما اقدرش ما اقدرش
تتقدم نحوه سهير وتجلس بجانبه القرفصاء وهي تربت على كتفه
- مصدقاك يا نني عين سيدة عالمة....ما تقدرش ما تقدرش ما تقدرش
ويضحك الجميع
يخرج عم زكريا قرش صاغ من جيبه
- اني معايا جرش كان الباشا اداهولي واني صغير لمن عملت عاشورا حلوة عجبت مولانا قوي واداله عليها نيشان...ما تاخدوه وتعملوا عليه جرعة
يقوم الوزير متوجها نحو المائدة وواقفا بجانب جلال بك وهو يعطي الجمهور ظهره
- انا منسحب من الترشح
يعتدل جلال بك في وقفته
- انت فاكرها انتخابات يا روح خالتك؟ يعني ايه منسحب من الترشح ده انت مفروض تتقدم وتخدم شعب مش انت بتاع الشخصية الزعامية اللي بتفكر في نفسها آخر حاجة؟
- وما تتقدمش للترشح انت ليه؟
- انا رجل اعمال لازم اعيش عشان اخدم البلد بفلوسي مين ح يباشر اعمالي لو انا مت؟
تنتفض سهير واقفة
- يعني معقول ح تنزلوا واحدة ست وانتوا كلكوا رجالة
يخاطب حسن والده
- شيل القرش بتاعك يابا في جيبك...أنا اللي ح انزل
- ماهو الجرش كان ع يجول كده برضك يا ولد....ما كانش ع يختار غير الراجل
يخرج حسن من الباب وتتبعه سهير وهي تقف على الباب وتنظر اليه
- خلي بالك من نفسك يا سي حسن....سي حسن
- نعم
- اديني حس والنبي طول ما انت برة اطمن عليك
- طيب يا سيدة ما تقلقيش..خشي انت بس من العفرة
- شالله تسلم يا سي حسن
ثم تذهب وتجلس بجانب عم زكريا الذي يحاول ان يتماسك ولا يظهر قلقه
- ان شاء الله ح يرجع بالسلامة يابا الحاج
- ولدي راجل
يذهب الوزير ليجلس بجانب مدحت الذي جلس على الارض ووضع رأسه بين ركبتيه
- مالك يا اسطى مدحت...زعلان من ايه ما انت نزلت الجدع الوحيد اللي بيفهم فينا ولو حصل له حاجة ح نتسوح كلنا
- وما نزلتش انت ليه؟
يبدأ جلال في الذهاب والإياب في قلق
- هو ماله اتأخر كده ليكون حصل له حاجة....عاجبك كده يا وزير الندامة؟ مش كنت غرت انت ما الدنيا مليانة جناينية وبعد نص ساعة من انهيار المبنى حطوا وزير غيرك يعني مالكش اي لازمة في الحياة....مش كنت وفرت لنا الواد الوحيد اللي بيفهم في الليلة دي
يبدو القلق على السكرتيرة فتتوجه نحو الباب منادية بصوت يختلط بالبكاء
- سي حسن.....سي حسن....ما بتردش ليه يا سي حسن؟ سي حسن
ثم تهم بالخروج فيقوم مدحت ممسكا بذراعها
- انت رايحة فين يا سيدة
- رايحة اشوف سي حسن انشالله اموت معاه...اوعى سيبني
- ما تموتي وللا تغوري في داهية...بس انت ما سمعتيش حسن وهو بيقول اي حركة مش مدروسة ممكن تهد المكان على اللي فيه
يدخل حسن وقد ملأه التراب فيجري نحوه الجميع
- عملت ايه
يتجاهلهم ويتوجه نحو والده الذي بدأت الدموع تغالبه
- اني اهو يابا...مالك يابا آني زين وزي الفل...
يصرخ فيه مدحت
- عملت ايه يا بني ادم
- ما تتكلم بادب بقى يا اخي انت ولا ليك اي لازمة
ثم يحاول ان يهدئ نفسه ويكمل
- المكان صعب قوي وممكن البدروم يتهد في اي لحظة والباب اللي بيوصل ما بين المطبخ والبدروم متهدم...انا تمكنت اني احط خشبة توصل من المطبخ على البدروم بس الفتحة اللي تخرج على الشارع ما ينفعش يعدي منها غير واحد بس...عايزين واحد يخرج يبلغ الناس اننا جوة
يصرخ كل من مدحت والوزير وجلال بك في صوت واحد
- أناااااااا
تنظر لهم سيدة باحتقار
- على فكرة حسن كان ممكن يخرج من برة برة من غير ما يجي يقول لنا على الموقف بس هو كان قد المسئولية وجه قال لنا واظن هو احق واحد بانه يخرج
يبدأ مدحت في الصراخ
- يعني ايه؟ ده جربوع ده ما يعرفش حد أنا ليا اتصالات ومعارف واعرف اخلص الموضوع
يجيبه حسن بحزم
- انت تخرس خالص ماحدش ح يطلع من هنا غير سيدة....هي الست الوحيدة واظن ما يصحش واحد فينا يخرج ويسيبها هنا، هي اولى واحدة تخرج وتبلغ
يلتفت الى سيدة
- بصي يا سيدة انت ح تخرجي وح تمشي على الواح الخشب اللي انا حاططها بالظبط اوعي تقعي من عليها وحاولي تخرجي من الفتحة من غير ما الحديد بتاع المسلح يعورك...اقول لك
ينظر حول ثم يسحب المفرش الموجود على احدى الموائد الصغيرة
- اربطي ده حوالين وسطك، وانت بتخرجي راسك من الفتحة اربطي راسك بيها عشان ما تتجرحش...ياللا...انا ح اجي اقف لك وانت نازلة
يقترب جلال بك من حسن مبتسما
- يا سلام يا حسن كلك شهامة ورجولة
فيجيبه حسن بلا اكتراث وهو مشغول بربط المفرش حول سيدة
- متشكر
- باقول لك ايه تعالى بس (ويتنحى به جانبا) على فكرة انا معايا ساعة الماظ بنص مليون يورو كنت جايبها للجنانيني ده
- وبعدين؟
- انت اولى بيها
فيبتعد عنه متوجها نحو سيدة ويجيبه بصوت عال
- متشكر يا جلال بك احنا في قبر....والقبر ما ينفعش فيه الرشاوي
ينظر اليه مدحت في احتقار
- يا سااااتر عليك حتى وانت بين الحيا والموت عايز ترشي
فنظر له جلال باستهتار
- مش احسن ما ابقى بين الحيا والموت وعايز اقتل..
تخرج سيدة من الباب ويقف خلفها حسن
- خلي بالك وانت ماشية حطي رجلك على الخشبة ...ايوة
تحدث هزة ارضية سريعة فتصرخ سيدة فيحتضنها حسن من خلفها
- ما تخافيش ما تخافيش انا لحقتك لحقتك
ويدخلها مكتب الوزير مرة اخرى محاولا التحلل منها فاذا بها ملتصقة به وتحدثه بترقق
- شالله تسلم يا سي حسن
ينزع يديها من فوق كتفيه
- ياستي العفو اي حد مكاني كان ح يعمل كده....
ثم ينظر للجميع
- ح نعمل ايه دلوقت؟ الفتحة اللي كانت مفتوحة الهزة الاخيرة وقعت عليها حجارة وقفلتها.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مسرحية معبرة بجد وواقعية لأقصى حد
بس لو كان فيها شوية رمزية بدل كل الوضوح دا << ومحدش يسألني تبقى مين رمزية لوول
عموما بانتظار المشهد التالت وكل أملى ان نهاية المسرحية تبقى جميلة .. يعني مبهجة نوعا ما
لأن بصراحة كفاية أوي الاحباط اللي احنا فيه خلقة
فمفيش داعي ان حتى الأحلام - أو اضغاث الأحلام - تبقى محبِطة هي التانية





وشكراً للعقول المبدعة .. ودي طبعا كلمة قليلة في حقكو :)